منذ تولي نزار بركة حقيبة التجهيز والماء في حكومة عزيز أخنوش، وبعد الإعلان عن تشكيلة وزراء الحزب، انقسم الاستقلاليون تجاه طريقة تدبير مشاركة الحزب في الحكومة إلى قسمين، فأنصار “الاستقلالي الهادئ” يقولون إنه تعامل ببراغماتية وآخرون يلومونه على القبول بوزارات يشغل نصفها غرباء عن الحزب.. فهل طارت بركة حزب علال في حكومة رجل الأعمال؟
الاستقلالي ابن دار المخزن
نزار بركة ابن دار المخزن وسليل عائلة الزعيم علال الفاسي رأى النور في 6 فبراير 1964، حصل على البكالوريا في سنة 1981 ليبدأ رحلة الدراسة الجامعية بفرنسا التي توجت بحصوله على دكتوراه الاقتصاد من جامعة اكس مارسيليا 3 سنة 1992.. شغل منصب وزير الاقتصاد والمالية في حكومة بنكيران منذ 3 يناير 2012 حتى 9 يونيو 2013، قبل أن يتم تعبينه منذ 7 أكتوبر 2021 كوزير للتجهيز والماء في حكومة عزيز اخنوش، مع هذا التعيين تفجر الصراع الكامن داخل البيت الاستقلالي بسبب المناصب الوزارية في التشكيلة الحكومية الجديدة، فنزار بركة كان عضو اللجنة التنفيذية الوحيد الظافر بحقيبة وزارية، فيما اعتبر الغاضبون أن من تم استوزارهم ليسوا أبناء أقحاح للبيت الاستقلالي وأن هناك أسماء تم تهميشها رغم ماضيها النضالي في الحزب.
بركة، الرجل الهادئ كما يحب كثيرون وصفه، ارتدى جبة الحكيم وانبرى لمحاولة رأب الصدع بين الاستقلاليين، فحسب نزار فإن الظفر برئاسة أربع جهات في المملكة لم يكن ليتم لولا التفاوض مع الأطراف الحكومية وأن المفاوضات على رئاسة الغرفة الثانية التي فاز بها الاستقلالي النعم ميارة لم تكن سهلة أبدا.
هذا الصراع الداخلي الذي فجرته الحقائب الوزارية لم يكن الأول، فقبلها كان الحزب يغلي بين أنصار الأمين العام السابق حميد شباط ونزار بركة، فمنذ تولي الأخير لزعامة الحزب في 7 أكتوبر 2017 بدأ في تجديد الهياكل الحزبية والقطيعة مع تسيير الأمانة العامة السابقة، والنقطة التي أفاضت الكأس كانت حل هياكل حزب الاستقلال بفاس وقطع الطريق على شباط وأنصاره.
هذه الاحتجاجات إذن في بيت الميزان لم تكن وليدة أزمة الحقائب الوزارية في حكومة عزيز أخنوش، بل لها امتداد سابق، لكن الجديد أن الغضب الآن لم يقتصر على التيار الذي كان محسوبا على حميد شباط بل طال حتى أكبر الداعمين لبركة، فهل يكون طموح المنصب والتوزير أكبر من مبادئ حزب وطني قاد البلاد والعباد نحو زمن الاستقلال؟
هل طارت “بركة” حزب “الاستقلال”؟
ينتظر البعض بركة “نزار” والآخرون يعتقدون أنها طارت ولن تعود! فتيار المساندة يصر على أن نزار بركة تصرف بعقلانية وبراغماتية لكي يأخذ حزب الميزان نصيبه من كعكة الحكومة الجديدة، أما التيار الغاضب فلا يرى في كل ما قام به نزار إلا انقلابا على مبادئ حزب التعادلية والوحدة، فحتى “النعم ميارة” الظافر برئاسة الغرفة الثانية هو صهر حمدي ولد الرشيد، العضو الاستقلالي البارز والذي كان له ولتياره، حسب كثيرين، الفضل في وصول نزار إلى رئاسة حزب الميزان …فهل أدى بركة فاتورة الامتنان؟
يذهب آخرون أبعد من ذلك، فالنعم ميارة رئيس الغرفة الثانية ربما يكون الأمين العام القادم الذي سيخلف نزار بركة، وبين هذا وذاك يظل البيت الاستقلالي في حاجة إلى إعادة جرعة الثقة وإرجاع البركة التي طارت مع حقائب وزارية مغضوب عليها.
البعض لا يستبعد أن يصبح نزار بركة “غورباتشوف” حزب الاستقلال وأن يشهد الحزب انشقاقات جديدة، فيما يرى آخرون أن الرجل يقوم بمهامه بهدوء محاولا إيجاد طريقة لامتصاص غضب الأتباع بكاريزما وثقة “المسير الناجح” الذي اختارته مجلة “ذي بانكر”، التابعة لمجموعة “فاينانشال تايمز”، كأفضل وزير للمالية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا سنة 2012، وقبلها وضع فيه الملك محمد السادس ثقته ليكون عضوا بلجنة ابن رشد لتقوية التعاون بين المغرب وإسبانيا في يناير 2005، ورئيسا للمجلس الاقتصادي والاجتماعي، فهل يستطيع نزار إرجاع البركة إلى البيت الاستقلالي وإعادة المياه إلى مجاريها.. تلكم أهم التحديات التي يواجهها على حامل حقيبة التجهيز والماء.
نزار بركة.. هل طارت “بركة” حزب علال في حكومة رجل الأعمال؟!

تعليقات ( 0 )