استطاعت تلميذة قادمة من مدرسة عمومية بمدينة صغيرة يجهل الكثير موقعها في الخريطة أن تنتزع لقب ملكة الرياضيات بإفريقيا وأن تساهم في منح المغرب المرتبة الأولى.
الإنجاز الذي حققته هذه التلميذة رد الاعتبار للمدرسة العمومية.
كما كسر وهم الجودة الذي تركب عليه مؤسسات التعليم الخاص من أجل حلب جيوب الأسر المغربية مقابل إنتاج تلاميذ مثل “الدجاج الأبيض”.
الإنجاز الذي حققته التلميذة هبة، ومعدلات النجاح المشرفة التي يحصل عليها تلاميذ المدرسة العمومية، هي مؤشرات على أن هذه الأخيرة لازالت بخير، رغم كل المحاولات الهادفة لتشويه سمعتها، وإرباكها، وجر من فيها من أبناء المغاربة نحو التعليم الخاص لبيعهم فقاعة الجودة والتفوق.
المدرسة العمومية كانت ولازالت رحما خصبا أنتج الكثير من النخب والكفاءات.
كما أن المعدلات التي حصل عليها التلاميذ السنة الماضية دليل على أنها تستحق أن تحتضن أبناء المغاربة الراغبين في الدراسة بعيدا عن العاهات التي تجتهد مواقع “البووز” في تقديمها بسوء نية لتكريس صورة مشوهة عن مدرسة عمومية تنتج “الانحطاط” وفق تعبير الوزير السابق سعيد امزازي.
هذا الصورة المشرفة تعكس حقيقية أن استرجاع الثقة في المدرسة العمومية هو أمر يسير، لكنه يصطدم بواقع أن تقرير مصير التعليم في هذا البلد لازال بيد حفنة أشخاص ليست لهم أي صفة رسمية.
هؤلاء يخططون من وراء ستار في أمور حاسمة تهم مستقبل أبناء المغاربة، ويملكون فوق ذلك أدوات خاصة لتركيع الأحزاب، وتطويعها وجعلها قنطرة لتمرير عدد من المشاريع، والبرامج الملغومة.
وضع كرسه الأسلوب الذي تم به تمرير مشروع القانون الإطار، بسبب الشبهات التي لاحقت بعض فقراته ،و الضجة التي أعقبت التصويت عليها، والتي زادت في رفع منسوب الشك تجاه المتاهة التي تسير إليها المدرسة العمومية بشكل سيصب بالتأكيد في مصلحة التعليم الخاص .
اليوم هناك حقيقة راسخة، وهي أن الدولة لا تملك نية واحدة تجاه التعليم العمومي، كما لا تملك تصورا واضحا.
واليوم أيضا بات يقينا أن الدولة تسعى ما أمكن وبكل جهد لتخفيف العبء المالي للتعليم العمومي، بفتح الباب مشرعا لمؤسسات التعليم الخاص لتمتص أكبر عدد ممكن من التلاميذ.
هي رغبة عبر عنها صراحة أكثر من مسؤول بشكل علني.
جاء ذلك موازاة مع سلسلة إجراءات تصب كلها في اتجاه إرباك المدرسة العمومية، واستنزاف ما تبقى للمغاربة من رصيد ثقة فيها، من خلال مشاريع ومخططات تتحكم فيها الأجندات، والايدولوجيات، والتعليمات، دون أي اعتبار للمصلحة الوطنية التي تحولت مع “الدمى السياسية” لمجرد مطية.
تعليقات ( 0 )