انتقادات سياسية ونقابية متزايدة تلاحق مشروع القانون الذي أعدته وزارة الداخلية وصادقت عليه الحكومة والقاضي بإحداث شركات جهوية متعددة الخدمات ستتولى التدبير المفوض و توزيع الكهرباء والماء والتطهير السائل.
فبعد حزب العدالة والتنمية الذي وقف عند الغموض الذي يختفي في تفاصيل هذا المشروع، حذرت الجامعة الوطنية للماء الصالح للشرب من هرولة الدولة نحو تسليع الماء كمادة حيوية وإيقاف دعمه، وهو ما سيكتوي بناره عموم الشعب المغربي على غرار ما يقع اليوم في قطاع المحروقات، مؤكدة أن الماء حق للجميع لا يجوز تسليعه بإعطاء تفويض تدبيره للقطاع الخاص.
وشددت النقابة على ضرورة الإبقاء على المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب كمؤسسة عمومية وعدم المساس به ورهنه للوبيات التي تنقض على كل الخدمات العمومية باستدافها للربح ولا شيء غير الربح.
وقالت ذات النقابة أن الدولة إذا كانت تحاول اشراك القطاع الخاص في تدبير بعض المرافق العمومية عبر الاستثمار والتدبير، فإن بعض القطاعات الاجتماعية كالصحة والتعليم وقطاع الماء والكهرباء وغيرها، لا يمكن للدولة أن تراهن فيها على خدمات الخواص لتناقض مبدأ الخدمات الاجتماعية والتدبير عبر الخواص الذي يهدف إلى الربح، وهما شيئان نقيضان.
من جانبه نبه المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية لتداعيات المساس بخدمات توزيع الماء الصالح للشرب والكهرباء والتطهير السائل، باعتبارها خدماتٍ عمومية حيوية واستراتيجية.
ودعا حزب التقدم والاشتراكية الحكومةَ إلى الخروج إلى الرأي العام، والتواصل معه، من أجل تفسير خلفيات ومضامين وتوجهات هذا المشروع.
وأورد بأن هذ المشروع أثار، منذ ظهوره، مخاوف مجتمعية حقيقية من الاتجاه نحو تبضيع خدماتٍ أساسية تندرج ضمن إطار المرفق العمومي الذي لا يَــــحتمِــــلُ التفويتَ بأيِّ شكلٍ من الأشكال.
وكان أحمد صدقي، النائب البرلماني عن حزب العدالة والتنمية قد أكد بدوره أن هذا المشروع يبعث على أشكال عدة من القلق والتخوف والتوجس على عدد من المستويات.
وأضاف أن المستوى الأول يرتبط بالبعد الاستراتيجي، حيث إن هذه الخدمات التي تقدمها في الأصل مؤسسات ومكاتب وطنية رائدة، تمثل تجليا لاستقلال القرار الوطني بهذا الخصوص منذ الاستقلال ومن ضمانات الاستقرار الاجتماعي في البلاد، وقد صرفت لتدبيرها أغلفةٌ مالية كبيرة من المال العام، وتوفرت لها خبرات كبيرة من خيرة أطر البلاد، والتي أمنت ديمومة وضمان خدمات حيوية لزمن طويل، مما يعني أن مثل هذا التفويت سيكون محفوفا بالمخاطر الاستراتيجية.
المستوى الثاني، وفق المتحدث ذاته، مرتبط بالتدبير الجهوي والترابي، حيث ما زلنا نتلمس الفعالية والنجاعة في خياراتنا الجهوية، في ظل واقع لم نستطع فيه مقاربة ومعالجة قضايا واستحقاقات أقل صعوبة وحساسية من هذا الأمر، وذلك في إطار فعل جهوي وتدبير ترابي تعتريهما صعوبات ونواقص عديدة إلى حد الآن، فكيف المرور إلى تدبير خدمات يقوم عليها الاستقرار الاجتماعي في البلاد؟ يتساءل صدقي.
وأما المستوى الثالث، فهو بنظر صدقي يرتبط بضمانات إنجاح هذه العملية على مستوى التقني، إذ إن الخبرات التي كانت تتوفر عليها هذه المكاتب والمؤسسات يصعب أن تبنى بانتقال بسيط على الشاكلة المعلنة في المشروع.
أما المستوى الرابع، فيرتبط بالضمانات التي ينبغي أن تقدم للمواطنين، فيما يهم ديمومة التزويد بهذه المواد في إطار التغيير المؤسساتي الذي سيحصل، وفيما يخص الجودة والتكلفة والأسعار المناسبة.
تعليقات ( 0 )