أثار اللقاء الذي جمع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، بالرئيس الجنوب إفريقي السابق، جاكوب زوما، جدلا داخل الأوساط السياسية في جنوب إفريقيا، حيث أصدر حزب المؤتمر الوطني الإفريقي الحاكم في البلاد، بيانا شديد اللهجة اعتبر فيه اللقاء “استفزازا غير مقبول”و”محاولة للتأثير على الشؤون الداخلية لبلاده”.
اللقاء الذي احتضنته العاصمة الرباط قبل أيام، يدخل في إطار الدينامية الدبلوماسية التي يقودها المغرب لتعزيز علاقاته السياسية والمؤسساتية مع مختلف الفاعلين على الساحة الإفريقية، بمن فيهم القادة السابقون الذين لا يزال لهم تأثير في المشهد القاري، خاصة أولئك الذين لعبوا أدوارا تاريخية في مسارات التحرر وبناء الدولة.
وفي بيان رسمي نُشر يوم السبت 19 يوليو، أعرب حزب المؤتمر الوطني الإفريقي عن “رفضه” لاستخدام العلم الوطني لجنوب إفريقيا خلال اللقاء، معتبرا أن ذلك “يضفي صبغة رسمية على نشاط غير حكومي”، في إشارة إلى كون زوما لا يشغل أي منصب رسمي حاليا ولا يمثل الدولة الجنوب إفريقية بشكل مؤسساتي.
وذهب الحزب الحاكم إلى حد المطالبة بـ”تفسير واعتذار فوري من الحكومة المغربية”، داعيا وزارة العلاقات الدولية والتعاون بجنوب إفريقيا إلى تقديم احتجاج دبلوماسي رسمي.
كما انتقد البيان بشدة الرئيس السابق جاكوب زوما، بسبب تصريحاته الإيجابية تجاه مغربية الصحراء، واصفا موقفه بـ”الانتهازي” و”الخياني”.
وتعكس هذه الخرجة الإعلامية نوعا من الارتباك داخل بعض دوائر الحزب الحاكم في جنوب إفريقيا، خصوصا في ظل تزايد مؤشرات التباين في المواقف داخل الساحة السياسية المحلية تجاه قضية الصحراء المغربية. ويُنظر إلى دعم زوما لوحدة أراضي المملكة كمؤشر على تحوّل في قناعات عدد من الشخصيات الإفريقية البارزة، التي بدأت تعيد قراءة الموقف المغربي خارج ثنائية “الانحياز التاريخي” و”التضامن الإيديولوجي”.
ويُذكر أن المملكة المغربية،واصلت خلال السنوات الأخيرة نهج دبلوماسية إفريقية قائمة على الاحترام المتبادل، والتنمية المشتركة، والحوار مع مختلف الأطراف، سواء الرسمية أو الرمزية، بمن فيهم الزعماء السابقون، باعتبارهم فاعلين ضمن شبكات التأثير الاستراتيجية على مستوى القارة.
ويُتوقع أن تُثير هذه التطورات مزيدا من النقاش داخل جنوب إفريقيا حول مستقبل علاقتها بقضية الصحراء، خاصة في ظل تشكُّل مواقف جديدة أكثر براغماتية لدى عدد من الفاعلين السياسيين والاقتصاديين، تنظر إلى المغرب كشريك وازن في القارة، وفاعل محوري في ملفات الأمن والتنمية والتكامل الإفريقي.
تعليقات ( 0 )