خلف الشكل الهندسي الجميل للمحطة الطرقية الجديدة بالرباط، هناك الكثير من المناطق الرمادية التي تخفي الوجه البشع لهذا المشروع الذي كلف حوالي 18 مليار سنتيم، لكنه انتهى بتشريد عشرات الأسر، وخلق مشاكل لشركات النقل التي صارت مطالبة بالترحيل دون سابق إشعار.
البداية أسوأ من ذلك، وتكشف كيف تحول هذا المشروع الذي تم تدبيره من طرف ولاية الرباط، وشركة الجهة تهيئة، بشراكة مع عدد من القطاعات الحكومية إلى “وزيعة” للأصدقاء والمعارف، في ضل السرية التامة التي رافقت طريقة تفويت المحلات المتواجدة بالمحطة، والتي تصل قيمتها إلى ملايين الدراهم.
الأمر يتعلق بعشرات المحلات التي ستبيض ذهبا، والتي لم يتم الإعلان عن طلبات لاستغلالها في وجه العموم احتراما للشفافية و المساطر القانونية.
جاء ذلك بعد أن طرق أصحاب المحلات القديمة ب”القامرة” جميع الأبواب للمشاركة في طلب العروض المتعلق بها، لكن الولاية ومعها شركة “مسافر” التي سلمت كهدية لمسؤول سقط بمظلة، كان لها رأي آخر، وفضلت كما هي العادة في جميع المشاريع التي تدبرها أن تضع حاجز من الصمت المطبق كما لو تعلق الأمر بضيعة خاصة للوالي.
مصادر “ميديا 90” كشفت أن ملف المحلات التجارية يؤكد الوجه البشع لعدد من المشاريع التي يتم تنزيلها على عهد الوالي اليعقوبي، بعد أن تم أيضا الحكم بإعدام عشرات الأسر ماديا، واجتماعيا، من خلال طي صفحة محطة “القامرة” دون مواكبة اجتماعية.
وضع جعل أفواها كثيرة كانت تؤمن لقمة عيشها من المحطة عرضة للتشرد في تناقض تام مع مفهوم الدولة الاجتماعية الذي دعا إليه ملك البلاد، وركبت عليه الحكومة، ما يكشف تغول الجانب السلطوي في طريقة تدبير الوالي اليعقوبي الذي صار يراكم كراهية تجاوزت رجال السلطة والمنتخبين والقطاعات الحكومية إلى ساكنة العاصمة.
مشروع المحطة الجديدة قضى أيضا بترحيل جميع شركات النقل العمومي للمسافرين من مقراتها بالقرب من القامرة، وهو حكم نزل بشكل فجائي، وتم تغلفيه بقرار وزاري ترجم من خلال وثيقة للعمدة اغلالو التي غابت عن حفل تدشين المحطة بسبب كورونا، لكنها ظلت محافظة على عادتها في توقيع جميع القرارات التي توضع على مكتبها، دون اعتراض، أو إبداء رأي في الشق المالي والاجتماعي ما دام الأمر يتعلق بطلبات الوالي.
قرار الترحيل يعني وباختصار جديد إرباك النشاط الاقتصادي لشركات النقل التي تملك مقرات مخصصة لإركاب المسافرين، ونقل وتفريغ الارساليات، والتي بات لزاما عليها التعايش في ساعات قليلة مع واقع جديد، مع تحمل الكلفة الاجتماعية لذلك أخذا بعين الاعتبار عدد المستخدمين العاملين لديها، وهو ما يطرح أيضا علامات استفهام حول الطريقة التي سيتم بها التعامل مع شركات “الساتيام” التي تملك بدورها مقرا منفصلا.
مشروع المحطة، وخلف البهرجة، والجمالية والتنويه، كشف بالنسبة لمئات الأسر عن الوجه القاسي لمشاريع الإسمنت التي تسحق في طريقها استقرار عشرات الأسر، لترمي بهم في أحضان المجهول، وهو ملف يبقى غائبا بشكل مطلق عن أجندة الوالي اليعقوبي الذي يعود في كل مرة غانما لمكتبه.
تعليقات ( 0 )