حكومة “البوطا “و “اللعب بالنار”

 

تحمل المغاربة عبء الكثير من الإجراءات الحكومية التي أنهكت جيوبهم بدعوى الإصلاح.

حدث ذلك قبل أن يتبين لهم بعد وقت قصير أن الأمر يتعلق بمقلب، بل و بقالب كبير .

تماما كما حصل بعد رفع الدعم  عن المحروقات،  وتحرير أسعارها في إطار كعكة كبيرة قدمت، وعليها حبة كرز للوبي المحروقات الذي أصبح يربح درهمين إضافيين عن كل لتر.

اليوم تعود حكومة “تستاهلو حسن” لتعلن قرب شروعها في رفع الدعم عن السكر والبوطا والدقيق مقابل تخصيص 20 مليار ستصرف كتحويلات مالية مباشرة للأسر.

يأتي ذلك في إطار ما قالت أنه إصلاح تدريجي لصندوق المقاصة وفقا لمقتضيات القانون الإطار المتعلق بالحماية الاجتماعية وضمان تمويل هذا الإصلاح، و تعميم التعويضات العائلية، وهو ما يطرح سؤالا حول من سيدفع الثمن، ومن سيستفيد من ملايير الغاز والسكر والدقيق، في ظل التعريف الحكومي الملتبس للطبقة المتوسطة.

واضح أن الدولة أهدرت  مئات الملايير من الدراهم في عدد من البرامج والمشاريع التي وضعت لتعزيز الحماية الاجتماعية، وتقليص نسب الفقر والهشاشة، وهي اليوم تبحث  كالعادة عن تمويل العجز، وتدارك الفشل  نفس الخطة التي طبقت مع المحروقات بمنطق “شي يخلص على شي”.

هذا السعي الحكومي الذي يشبه اللعب بالنار خرج فعلا للوجود، وصار واقعا بعد مصادقة الحكومة على مشروع قانون رقم 72.18 المتعلق بـ”منظومة استهداف المستفيدين من برامج الدعم الاجتماعي، وبإحداث الوكالة الوطني للسجلات” التي شرعت في العمل.

يحدث هذا في وقت تغرق فيه البلاد في المديونية، و تشتكي فيه 84 في المائة من الأسر من تدهور وضعها المعيشي بسبب الغلاء الذي زحف على كل شيء، ويقفز فيه مستوى التضخم لنسبة لم تسجل منذ أوائل التسعينات حين كان المغرب مهددا بالسكتة القلبية وفق توصيف الملك الحسن الثاني.

اليوم هناك أسئلة كثيرة وتخوفات مشروعة تلاحق الكيفية التي سيفعل بها هذا الدعم، في ضل الأعطاب الفادحة التي رصدت في عدد من التجارب السابقة، والتي كشفت أن  معظم البرامج الاجتماعية يتم التعامل مع الميزانيات المرصودة لها ك”وزيعة”، كما يتم تحريف مسارها.

والواقع  أن ثقة المغاربة في صدقية الخطوات الحكويمة المرتبطة بتفكيك منظومة الدعم، وحديث الحكومة عن تخصيص “مساعدة للفقراء” كانت ضعيفة منذ البداية.

هذه الثقة تعرضت لهزة عنيفة أجهزت على ما تبقى من مصداقية للسياسيين،  بعد تحرير أسعار المحروقات.

تحرير تعاملت معه  الحكومة بسياسة “من ليحتو لقم ليه”، وذلك بشهادة وزير الحكامة  السابق الذي  اعترف بأن المغاربة هم من دفعوا ثمن تحرير أسعار المحروقات، والرابح  كانت خزينة الدولة والشركات.

 

 

 

 

 

 

شارك المقال
  • تم النسخ

تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

المقال التالي