بنكيران وشباط…. تاريخ طويل من الاتهامات الخطيرة بالفساد والجنون والخيانة

 

عبارة “مشا مع الريح” التي وظفها عبد الإله بنكيران قبل أسبوع لمهاجمة حميد شباط تخفي ورائها حربا قديمة بين الرجلين اللذين لازالا يحتفظان بالكثير من الأسلحة والأسرار تحسبا لدواير الزمان.

حدث هذا قبل أن يدرك رئيس الوزراء البريطاني”ونستون تشرشل” أن عبارته الشهيرة “لا توجد صداقات ولا عداوات دائمة، بل توجد مصالح دائمة” ستوظف بشكل كارثي، لتصبح مطية لرجلين سارعا في سنة 2016 لدفن مئات الاتهامات الخطيرة التي تبدلا القصف بها على مدار شهور، قبل أن يهرولا لمحاولة بناء تحالف فوق أنقاض سابقه، وبعدها عادا دون خجل لتبادل القصف.

هذه الاتهامات التي لازال بعضها حيا ولم يجف مداد الحبر الذي كتبت به، تحملها المغاربة على مضض لفترة من الزمن.

السبب  أنها صدرت حينها عن الرجل الثاني في هرم الدولة باعتباره رئيسا للحكومة.

أما الطرف الثاني فم يكن سوى أمين عام سابق لحزب سياسي له وزنه التاريخي، قبل أن تنقلب الأمور، وتتحول العداوة التي وظفت فيه الإضرابات ووسائل الإعلام، ومؤسسات الدولة والمهرجانات والمسيرات والخطب إلى رقصة “دبكة” انتشى بها رئيس الحكومة بمعية غريمه السابق الذي فضل العودة بعد رحلة ضياع في المعارضة.

عبد الإله بنكيران  ومن موقعه كرئيس للحكومة لم يستطع كبح مشاعره السياسية بعد إعلان شباط لتوبته ليخاطبه ب”السي” التي هي كلمة تدل على الاحترام لدى المغاربة.

بنكيران هو ذاته الذي وصف شباط ب”الهبيل”و”أكبر مفسد”، وبأنه “داير بحال المنشار طالع واكل، نازل واكل”، قبل أن يمد له يده من جديد،  في تجسيد لعبارته الشهيرة “عفا الله عما سلف”.

الرجل لم يكتف بوصف الأمين العام السابق لحزب الاستقلال بـ”مسيو 10 في المائة”، متهما إياه بتلقي مبالغ مالية من المقاولين الفائزين بالصفقات العمومية التي يشرف عليها كعمدة لفاس.

بل ذهب أبعد من ذلك وأكد صراحة أنه”المفسد الكبير الذي يريد مغالبة العدالة والتنمية في الانتخابات بالعصابات و البلطجية”.

و أنه “يشتري من يخرج في تجمعاته وأنه يريد إخراج الناس للشارع بخمسين درهما”،و أن ” عقلاء حزب الإستقلال انفضوا من حوله”، قبل أن يختصر بنكيران التمليح بالقول ” إلى بغيتو تعرفو شكون المفسد سيرو لفاس وسولو الناس وستجدون الجواب”.

لائحة الاتهامات والنعوت التي هوت بالخطاب السياسي المغربي إلى الحضيض لم تتوقف عند هذا الحد بل تجاوزته حين قال بنكيران  أمام أنصار حزبه، ” داك لهيبل ديال فاس قالو ليه خرج من الحكومة وغادية تيطح وسنمنحك رئاسة الحكومة وهو يتيق، راها خلات على فاس وأهلها ملي ولا بحال هذاك زعيم ديال الاستقلال يا خسارتاه”.

واضاف “من كثرة غبائه ،فتحوا له التلفزيونات وأرسلوه في سفريات للخارج، ومشا لباريس وشاف برج إيفيل ورجع لفاس وجمع الحدادة ديال المدينة و قال ليهم بنيو ليا برج بحالو… “وبقاو دوك لقجاقج حتى جا سيدنا وقال ليهم حيدو عليا هاد لقجاقج”.

في مقابل ذلك فان شباط استهلك كل مجهوده في محاربة بنكيران كرئيس الحكومة أملا في إضعاف شعبيته في إطار صفقة لم تتضح تفاصيلها بعد، لكن مفعول ذلك ارتد عليه بفعل النعوت والاتهامات التي أفرطت في الشعبوية,

اتهامات جعلت عددا من المغاربة يطرحون أسئلة جدية حول  الصحة العقلية وطريقة تفكير بعض المسؤولين السياسيين خاصة بعد اتهام بنكيران بالانتماء إلى تنظيم “داعش” الإرهابي والنصرة، وعلاقته بجهاز الاستخبارات الإسرائيلي، “الموساد”.

شباط الذي رقص مع بنكيران كرئيس للحكومة، هو نفسه الذي وظف الحمير في مسيرة وسط العاصمة الرباط أملا في إلحاق الاهانة بغريمه بنكيران قبل أن تتحول هذه المسيرة إلى مادة للتندر والسخرية التي تجاوز صداها حدود المغرب.

حدث هذا دون أن يشكل ذاك عامل تنبيه يساعده على فرملة، او على الأقل عقلنة هجومه المتواصل الذي انطلق مباشرة بعد خروجه للمعارضة لأسباب كثيرة اتضح بعضها بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات الجماعية، وما تلاها من انتفاضة ضد حلفائه، وهو ما جعل بنكيران يطالبه بالكشف عما وقع  للرأي العام .

شباط  لم يفوت أي فرصة دون أن يجتهد في إبداع النعوت وطرز الاتهامات لرئيس الحكومة عبد الاله بنكيران مع مطالبته بالرحيل والاستقالة، قبل أن يصاب ب”بالزهايمر”، ويصرح  وقتا قليلا على ذلك بأن سقوط حكومة بنكيران هو سقوط للديمقراطية.

هي ذاتها الحكومة التي اتهمها بتفقير الشعب والكذب عليه، وبأنها صنيعة الدولة العميقة حين قال بأنه ” لولا الدولة العميقة لما استطاع بنكيران أن يكون رئيسا للحكومة”.

قصف شباط لبنكيران الذي تحول إلى مادة مجترة في وسائل الإعلام والتجمعات والمسيرات، طال التشكيك في  ذمته المالية ، حين أكد أن مكانه في السجن على خليفة الضجة التي أثيرت بشأن مطبعة قال شباط أنها في ملكية بنكيران، وأن الأخير تعمد إنكار ذلك، وأضاف بان “بنكيران له سياسة غير شعبية، و فشل في تسيير “حانوت” وجاء ليتعلم فينا الحسانة”.

ولأن الكثير من المسؤوليين والسياسين يراهنون على الذاكرة القصيرة للمغاربة فلا بأس من التذكير باتهام حميد شباط لبنكيران بأنه “أكبر خائن للوطن والشعب”، وانه “يتعمد التشهير المجاني بالمواطنين الشرفاء دون أدلة ولا وثائق” وانه انقلب على الشعارات التي كانت ترفع أيام المعارضة، وعلى البرنامج الحكومي من خلال الإعفاءات التي استفاد منها مهربوا الأموال،ليطبع مع الفساد ويتحول الى أشرس المدافعين عنه”.

اتهامات رد عليها بنكيران بمطالبة شباط بالكشف عن مصدر ثروته، و قال”أتحداه أن يصرح بممتلكاته كعمدة لفاس وبرلماني دون سب وشتم”، متسائلا “كيف جمع نقابي وعمدة مدينة كل هذه الأموال”.

وبالرجوع إلى قائمة الاتهامات التي سددها كل كطرف ، بعد أن اجتهد كل من بنكيران وشباط في نسج سيل من الأوصاف القدحية، يتضح أن القاموس السياسي الحالي دخل فصلا جديدا من الابتذال مع مصطلحات “الحلايقي”، و”الحمار”، التي تبادلها بنيكران مع الطالبي العلمي القيادي التجمعي ورئيس مجلس النواب.

 

شارك المقال
  • تم النسخ

تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

المقال التالي