إنه وجه “فذ” من وجوه الكوميديا المغربية، فلا أحد يجادل في كون الرجل صنع اسمه الخاص بكثير من الجهد والموهبة، منذ أول ظهور له على شاشة القناة الأولى في “وجهي فوجهك”، وهي عبارة عن مقاطع كوميدية قصيرة عرفت نجاحا كبيرا جعل من الفذ نجما كوميديا مطلوبا حيث شارك بعدها في أفلام سينمائية وعروض مسرحية وتلفزيونية.
حسن الفذ كوميدي يشكل حالة خاصة في حقل الكوميديا المغربية، فقد حفر بشكل فذ في الوجدان الكوميدي المغربي وأصبح “كبور” شخصية فنية مسجلة باسم حسن الفذ، أحبها الجمهور المغربي ومن خلالها السي حسن الفذ الذي لا يمكن أن يختلف اثنان حول ريادته للمشهد الكوميدي المغربي.
ففي سن التاسعة والخمسين لازال الرجل بدون منافس حقيقي، يبرع في التشخيص الكوميدي والباروديا وحريصا على الظهور بعمل واحد فقط، كل عام تقريبا، احتراما للمعايير الفنية، وحتى يطبخ العمل على نار هادئة، كما قال بنفسه في آخر حوار له .
رمضان هذا العام كان برعاية شخصية كبور، كالعادة، إذ أطل علينا الفذ في سلسلة جديدة اختار لها اسم “تي را التي” مع الفنانة منية لمكيمل وهي من النوع الكوميدي الرومانسي، ورغم أن السلسلة تحتل المرتبة الثانية في الطوندونس المغربي إلا ان أسهم النقد انطلقت في اتجاه حسن الفذ وكثر القيل والقال…فهناك طرف يرى أن شخصية كبور “قتلت” الفذ فنيا و جعلته حبيس شخصية واحدة و هو شيء غير منصف، في نظر هؤلاء، لفنان موهوب واسع الآفاق …وهناك من ركز على توجيه السهام عشوائيا ومحاربة الفنان شخصيا، إما بسبب الغيرة آو حسابات أخرى، فتم الركوب على علاقته التي قيل أنها مكهربة، داخل استوديو التصوير، بالفنانة منية لمكيمل التي تؤدي دور فتيحة والتي خرجت لاحقا لتنفي عن الفذ كل ما سبق وتشيد بحسن تعامله معها فنيا وإنسانيا.. لكنها لم تكن المرة الأولى التي تم فيها اتهام الفذ بالتسلط على الممثلين العاملين معه وهو ما ينفيه الفذ واعتبره مجرد رؤية فنية يمارسها بصفته مديرا فنيا في إطار ما يخدم العمل الفني فحسب.
وليس غريبا أن تسمع لقب كبور لصيقا بحسن الفذ كلما مرت صورته أمام أي متفرج مغربي في التلفزيون أو السوشل ميديا، فالرجل تماهى مع كبور وعاش في رداء الشخصية طويلا، ارتداها وارتدته على مر السنوات منذ 2013 وهي السنة التي عرض فيها الجزء الأول من سلسلة الكوبل مع الفنانة دنيا بوتازوت وشكلا معا ثنائيا فنيا متكاملا جعل الجمهور المغربي يتوج السلسلة حينها بأكبر نسبة مشاهدة في الموسم الرمضاني، ليعود في جزء ثان في 2014 مع دنيا بوتازوت أيضا والتي أدت دور الشعيبية بنجاح. ومع النجاح الجماهيري الكبير لشخصية كبور تم استغلال هذا النجاح بذكاء من طرف الكوميدي الفذ ليعلن عن ولادة سلسلة جديدة في 2016 بعنوان “كبور والحبيب” مع الكوميدي الشاب هيثم مفتاح وهذه المرة كان الثنائي رجاليا.. وكما في كل المواسم، كانت السلسلة ضمن المراتب الأولى لنسبة المشاهدة، وبعد توقف شخصية كبور لموسم واحد، عاد الفذ سنة 2018 بجزء ثان من سلسلة “كبور ولحبيب”… هل استهلك الفذ نفسه فعلا بشخصية كبور؟
هل آن الأوان لإسداء الستار على شخصية عشقها الجمهور المغربي حتى النخاع؟ أم أن شخصية كبور لازالت قادرة على جذب المشاهد المغربي دون السقوط في النمطية والاجترار؟
في الواقع إذا نظرنا للمشهد الكوميدي المغربي نرى بوضوح غياب البديل الحقيقي.. في الكوميديا وليس التهريج، لذلك يبقى حسن الفذ فنان يحسب له أنه استطاع الخروج بشخصية استطاعت خلق الإجماع الذي لم يتوفر للكثير من الشخصيات التي أطلت علينا تلفزيونيا على مدار سنوات، والتي سرعان ما نسيها المشاهد المغربي، مباشرة بعد نهاية العرض، لذلك تبقى شخصية كبور بكل ما لها وما عليها أفضل شخصية كوميدية تم تقديمها للمشاهد المغربي حتى الآن.
أما عن الخوف من السقوط في النمطية، فحسن الفذ يقول بأن الشخصية يتم تطويرها دراميا، برؤية تقنية ممتدة فنيا، وهي مهمة ليست سهلة، كما يقول، خاصة وأنه يبذل مجهودا كبيرا في تطوير شخصية كبور وبنائها الدرامي وأنها تأخذ من كل الفئات السوسيو ثقافية في المجتمع المغربي والتي يحب أغلبها هذه الشخصية …هناك إذن، حسب الفذ، محاولة مستمرة للتفاعل مع العالم الخارجي من أجل تحيين الشخصية وتجددها وانفتاحها.
قد يبدو خيار التخلص من شخصية كبور وقتلها فنيا قبل أن تجهز على الفذ خيارا سهلا، لكنه في الواقع ليس كذلك، لا بالنسبة للفذ او بالنسبة للمشاهد المغربي المتعلق بها… لذلك يبدو خيار تطوير الشخصية الأفضل حاليا في غياب البديل القادر على انتزاع الابتسامة من وجوه المشاهدين.
تعليقات ( 0 )