في خطوة تعكس اتساع دائرة الرقابة على الخطاب الأكاديمي بالجزائر، أقدمت السلطات الجامعية على منع أساتذة التاريخ من الإدلاء بأي تصريحات لوسائل الإعلام الأجنبية، دون الحصول على إذن مسبق من الإدارة، في إجراء أثار موجة استنكار في الأوساط الحقوقية والأكاديمية.
القرار، الذي أصدرته عمادة كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة حسيبة بن بوعلي بالشلف، يأتي عقب اعتقال المؤرخ المعروف محمد الأمين بلغيث، على خلفية ظهوره في مقابلة مع قناة “سكاي نيوز عربية”. وقد وُجهت له اتهامات “بالمساس بالرموز الوطنية وتحريف هوية الأمة”، وفق ما جاء في بلاغ لنيابة الجمهورية لدى محكمة الدار البيضاء.
التعليمة الداخلية، التي تحمل رقم (258/2025)، دعت أساتذة قسم التاريخ إلى “الامتناع عن التصريح أو إجراء المقابلات مع أي وسيلة إعلام أجنبية، مكتوبة أو مرئية أو إلكترونية، دون ترخيص مسبق وصريح”، محذّرة من أن أي مخالفة لهذا التوجيه ستُعد “خرقاً إدارياً يُعرّض صاحبه للمساءلة التأديبية”.
ويرى مراقبون أن هذه الخطوة تُترجم خشية النظام من انفتاح النقاش حول قضايا الذاكرة الوطنية، خاصة في ظل تصاعد الأصوات المطالبة بقراءة نقدية للتاريخ الجزائري بعيداً عن السردية الرسمية. كما يعزز القرار الانطباع بوجود تضييق ممنهج على حرية التعبير داخل الحرم الجامعي، وفرض رقابة سياسية على الإنتاج المعرفي للأساتذة والباحثين.
وبينما تبرر الإدارة الجامعية الإجراء بكونه “حرصاً على انسجام الخطاب الأكاديمي مع التوجيهات الرسمية للدولة”، يعتبره المدافعون عن حرية التعبير ضربة موجعة للجامعة الجزائرية التي لطالما اعتُبرت فضاءً للنقاش الحر وإنتاج الفكر النقدي.
الملف يبقى مفتوحًا على احتمالات التصعيد، خاصة في ظل غياب أي توضيح رسمي حول مصير المؤرخ بلغيث، وتنامي القلق من أن تتحول الجامعة الجزائرية إلى ساحة مغلقة تدار وفق منطق أمني أكثر من كونه علمي.
بعد اعتقال مؤرخ بارز.. الجزائر تُحكم قبضتها على الأكاديميين وتمنعهم من الحديث للإعلام الأجنبي

تعليقات ( 0 )