هل تتغير نبرة مؤسسات الحكامة؟

ما أن صدر بلاغ الديوان الملكي معلنا عن تعيين عبد القادر عمارة رئيسا للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، ومحمد بنعليلو على رأس هيئة النزاهة ومحاربة الرشوة، وحسن طارق وسيطا للمملكة، حتى تحركت الأسئلة، هل نحن أمام إعادة توزيع لخرائط التحكم في نبرة مؤسسات الحكامة؟ وهل نحن مقبلون على تقارير أقل حدة وأكثر انسجاما وتماهيا مع الحكومة الحالية؟

السؤال مشروع، خصوصا في ظل الجدل الذي أثاره قبل أسابيع محمد أوجار، القيادي في التجمع الوطني للأحرار، حين انتقد في لقاء مع مؤسسة الفقيه التطواني ما اعتبره استفراد تيار سياسي واحد برئاسة مؤسسات الحكامة، معتبرا أن الإنسان لا ينفلت من خلفيته الإيديولوجية، وأن حياة كاملة من التموقع اليساري لا يمكن محوها حين يتعلق الأمر بإصدار تقارير في لحظة سياسية معينة.

وحين قيل له إن هذه التعيينات من اختصاص الملك، أجاب: “نعم، التعيينات اختصاص ملكي، لكن يجب أن نثير، بكل الوقار الواجب لجلالة الملك، مسألة الجهات التي تقترح هذه الأسماء، والتي ربما حان الوقت أن تعيد النظر”.

التعيينات الجديدة، خصوصا في مؤسسات كانت تصدر تقارير جريئة تُزعج الأغلبية، جاءت لتضع وجوها جديدة من طينة مختلفة. عبد القادر عمارة، وجه محسوب على العدالة والتنمية، لكنه عمليا لم يعد مرتبطا لا بالعدالة، ولا بالتنمية، وعليه أن يظل وفيا للسلطة التي عينته وليس لسلطة رئيس حكومة يريد أن تكون جميع تقارير مؤسسات الحكامة بلا لون ولا طعم ولا رائحة..

حسن طارق رجل معتدل بتجربة فكرية أكثر منها صدامية، أما محمد بنعليلو فهو بمسار مختلف.

فهل تعني هذه التغييرات إعادة ضبط الإيقاع؟ هل نحن أمام نغمة جديدة، أكثر ليونة، في تقارير مؤسسات يُفترض أن تُقيّم، وتُحاسب؟

في السنوات الماضية، لم يكن سهلا على الحكومة أن تتلقى تقارير تصف واقع الفساد، أو الاختلالات، أو التفاوتات الاجتماعية، بلغة صارمة.

كان ذلك مربكا لحكومة أخنوش، ويضعها أمام مرآة مزعجة، ولذلك وجدنا الحكومة تطعن في العديد من التقارير، بعد أن ضاق صدرها بمضمونها.

واليوم، هناك من يرى أن المطلوب هو “التهدئة”، ولو على حساب منطق الحكامة.

التقارير ليست فقط وثائق، هي نبض دولة، والتدافع مطلوب، لكنها حين تُصبح صدى لما تريده الحكومة، تفقد قيمتها، وتتحول من سلطة مضادة، إلى ملحقة إدارية للحكومة؟

شارك المقال
  • تم النسخ

تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

المقال التالي