حلال على أخنوش.. حرام على نزار البركة!

في المشهد السياسي المغربي، ليس غريبا أن نجد أحزابا تشارك في الحكومة، لكنها في الوقت نفسه لا تتردد في توجيه الانتقادات إلى طريقة تدبيرها.

هذه ليست بدعة جديدة، بل أسلوب مكرر شهدناه في تجارب سابقة، ويعود إلى الواجهة كلما اقترب السباق الانتخابي، حيث يتحول بعض الفاعلين السياسيين إلى شركاء في النهار وخصوم في الليل.

قبل سنوات، عندما كان عزيز أخنوش وزيرا في حكومة سعد الدين العثماني، لم يكن يتردد لحظة في انتقاد الأداء الحكومي، رغم أنه كان شريكا رئيسيا فيه، ممسكا بقطاعات وازنة مثل المالية والفلاحة والصناعة والتجارة.

لم يكن ذلك مجرد اختلاف في وجهات النظر، بل استراتيجية واضحة تهدف إلى إضعاف رئيس الحكومة، وخلق انطباع لدى الرأي العام بأن الحزب الذي يقود الأغلبية غير قادر على التسيير، بينما يملك “حزب الكفاءات” الحلول البديلة.

اليوم، يبدو أن التاريخ يعيد نفسه ولكن مع تغيير في المواقع. فحزب الاستقلال، الذي يوجد في الحكومة الحالية، أصبح واحدا من أبرز المنتقدين لبعض سياساتها، وخاصة في قطاع الفلاحة، الذي لطالما اعتبره أخنوش حجر الزاوية في مساره السياسي.

نزار بركة، الذي يتولى حقيبة وزارية أساسية، يستخدم نفس النهج الذي استخدمه أخنوش سابقا، ويوجه رسائل ضمنية بأن الحكومة لا تسير في الاتجاه الصحيح.

لكن المفارقة أن هناك من يرى في هذه الممارسة حقا مشروعا عندما كان أخنوش يمارس المعارضة من داخل الحكومة، لكنه يعتبرها اليوم تجاوزا عندما يمارسها بركة!

ورغم أن هذا الوضع مبدئيا غير مقبول، لكن غير المقبول أكثر هو السكيروفرينيا في التعامل مع هذا الأمر!!

إذا كان الأحرار قد استعملوا هذه التقنية سابقا، فلماذا يغضبون اليوم عندما يمارسها شركاؤهم في الحكم؟ هل كان ذلك حلالًا على أخنوش، وأصبح حراما على نزار بركة في 2025؟

الفرق الجوهري بين الحالتين ليس في المبدأ، بل في النفوذ.

فبينما يمتلك أخنوش القوة المالية والإعلامية والسياسية التي تجعله يتحكم في قواعد اللعبة، فإن بركة لا يملك نفس الأدوات. وحين يكون الطرف المتحكم في المشهد هو نفسه الخصم والحكم، فإنه يقرر متى يكون هذا السلوك مقبولا ومتى يصبح غير مقبول..

في النهاية، هذه ليست معركة حول الاختيارات الاقتصادية أو البرامج الحكومية أو مصلحة المواطن، بل هي جزء من صراع أكبر حول المواقع والنفوذ، حيث لا يتعلق الأمر بالمصلحة العامة بقدر ما يتعلق بلعبة الكراسي الموسيقية وإعادة ترتيب موازين القوى داخل المشهد السياسي..

شارك المقال
  • تم النسخ

تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

المقال التالي