تقرير.. المؤشر يهدد بتفقير الأسر المغربية

كشف تقرير حديث صادر عن المعهد المغربي لتحليل السياسات أبرز المكاسب التي حققها السجل الاجتماعي الموحد، لكنه في المقابل نبه إلى مجموعة من العيوب القانونية والإجرائية التي قد تؤثر على فعالية استهداف الفئات المستحقة للدعم الاجتماعي.

أكد التقرير أن السجل الاجتماعي الموحد أفرز نتائج إيجابية، حيث أصبح الأداة المعتمدة لانتقاء الفئات المستفيدة من نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض القائم على آلية التضامن، والمدعوم من طرف الدولة بميزانية سنوية تقدر بـ 9.5 مليار درهم، مذكرا أن الاستفادة من هذا النظام مشروطة باستجابة الأسرة للعتبة المحددة (9.32)، مما مكن 4.05 مليون شخص من الانخراط فيه.

وأشار التقرير إلى أن الأسر التي تجاوز مؤشرها هذه العتبة أصبحت بإمكانها الانخراط في نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الخاص بالأشخاص القادرين على تحمل واجبات الاشتراك، والذين لا يزاولون أي نشاط مأجور أو غير مأجور (أمو الشامل)، حيث بلغ عدد المسجلين فيه 133 ألف شخص. كما لفت إلى أن معايير السجل الاجتماعي الموحد أصبحت الآلية الرئيسية لتحديد الأسر المؤهلة للاستفادة من برنامج الدعم الاجتماعي المباشر، الذي دخل حيز التنفيذ في أواخر سنة 2023.

أفاد التقرير بأن عدد الأسر المستفيدة بلغ 3.9 مليون أسرة، فيما خصصت الحكومة لهذا البرنامج ميزانية تقدر بـ 22 مليار درهم في سنة 2024.

على المستوى المؤسساتي، ذكر التقرير بإحداث الوكالة الوطنية للسجلات المكلفة بتدبير المنظومة الجديدة للاستهداف، غير أنه نبه إلى أن مصير هذه المؤسسة لا يزال يثير تساؤلات حول أسباب التأخر في إرسائها، رغم صدور المرسوم المتعلق بإحداثها منذ سنة 2021.

أوضح التقرير أنه تم الاعتماد على تكنولوجيا المعلومات، من خلال “رقمنة عمليات التسجيل في السجل الاجتماعي الموحد ومعالجة البيانات، بالإضافة إلى إرسال المؤشر الاجتماعي والاقتصادي للأسر عبر رسائل نصية قصيرة، وتوزيع الدعم النقدي عبر حسابات بنكية رقمية”، مما ساهم في تبسيط الإجراءات الإدارية وتيسير خدمات الدعم الاجتماعي، إلى جانب تقليص دائرة تدخل العامل البشري، مما عزز الشفافية والحكامة في التدبير.

ورغم المكاسب الأولية الناتجة عن العمل بمنهجية السجل الاجتماعي الموحد، إلا أن التقرير نبه إلى أن سيرورة تفعيله تظهر أنه ينطوي على العديد من الإشكالات القانونية والمنهجية التي تحد من كفاءة منهجية الاستهداف. وأضاف أن هذه الإشكالات قد تؤدي إلى تداعيات محتملة على المدى القريب والمتوسط على انزلاق بعض الفئات الاجتماعية إلى دائرة الفقر والهشاشة.

من بين هذه العيوب أشار التقرير إلى أن القانون رقم 77.18 يتضمن عدة مقتضيات قانونية تمييزية، مثل “اشتراط التقييد في السجل الوطني للسكان الإدلاء بما يثبت عنوان السكن، واستنادا إلى تعريف المندوبية السامية للتخطيط لمفهوم الأسرة التي يحق لها التسجيل في السجل الاجتماعي الموحد”، ما يشكل تمييزا قانونيا ضد بعض الفئات الهشة مثل المشردين والأشخاص بدون مأوى، وكذلك ضد الأسر التي لا تتوفر على ما يثبت عنوان سكنها (مثل أسر دور الصفيح) أو الأسر التي لا تطبق عليها عناصر تعريف الأسرة كالنساء في وضعية صعبة أو الأشخاص بدون أسر.

كما أشار التقرير إلى أن اعتماد التسجيل في السجل الاجتماعي الموحد على آلية التصريح الذاتي يؤدي إلى “إقصاء الأسر التي قد تجد صعوبة في التعبير عن رغبتها في الاستفادة من الدعم، سواء بسبب تعقد مسطرة التسجيل، أو البعد الجغرافي، أو نقص الوصول إلى الأدوات التكنولوجيا الحديثة”.

سجل التقرير أيضا وجود عيوب منهجية في مسطرة انتقاء الأسرة المستهدفة، مبرزا أن المنهجية المعتمدة تواجه “انتقادات لعدم تعبيرها بدقة عن الوضع المعيشي للأسر، حيث تعتبر بعض الممتلكات (مثل الهواتف أو اللاقط الهوائي) متاحة للجميع ولم تعد تعكس مستوى الرفاهية أو الفقر الفعلي، مما يجعل قوائم الأسر المؤهلة للدعم التي يصدرها السجل الاجتماعي الموحد غير دقيقة في تحديد الفئات الأكثر هشاشة”.

وتابع التقرير بالإشارة إلى أن الاعتماد الكامل على الرقمنة في السجل الاجتماعي الموحد يطرح تحديات مزدوجة، حيث يفتقر العديد من المستهدفين إلى المهارات والأدوات الرقمية اللازمة للتسجيل وتتبع الطلبات، مما يدفعهم للاستعانة بالغير مقابل تكلفة مالية إضافية، وهو ما ينتهك صراحة معطياتهم الشخصية. وأوضح أيضا أن المعالجة التقنية “تظهر قصورا في التعامل مع الفقر المركب للأسر، حيث تعتمد على حسابات رياضية لا تعكس الواقع المعيشي”.

كما نبه التقرير إلى أن الصيغة الحسابية المعتمدة لتنقيط الأسر قد تؤدي إلى إقصاء فئات عديدة من الاستفادة من برامج الدعم، رغم معاناتها من الفقر والهشاشة، مثل الأسر المكونة من فرد واحد، والمسنين، والنساء المطلقات أو الأرامل بدون أطفال، إضافة إلى الأسر التي تمتلك ممتلكات بسيطة.

وفي ظل المخاطر التي تهدد فعالية السجل الاجتماعي الموحد، دعا التقرير إلى “عقلنة آليات التمويل التضامني لتعزيز مبدأ العدالة في توزيع التكاليف الاجتماعية”، كما شدد على ضرورة معالجة الثغرات في منظومة الاستهداف، من خلال “إزالة المقتضيات التمييزية، ومراجعة منهجية انتقاء الفئات المستحقة لتقليل الأخطاء”.

شارك المقال
  • تم النسخ

تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

المقال التالي