لم يجد محمد صديقي، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أي تبريرات مقنعة لموجة الغلاء التي تعصف باللحوم والخضر في ظل استمرار المضاربات والنفخ في الأثمنة .
وواجه صديقي خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب انتقادات لاذعة من قبل عدد من البرلمانين على خلفية استمرار موجة الغلاء ومحدودية القطاع الفلاحي في تأمين السيادة الغذائية الوطنية.
وفي هذا السياق، قال الحسين الرحوية، عضو الفريق الدستوري الديمقراطي الاجتماعي، إنه على الرغم من وجود الإستراتيجيتين الفلاحيتين “المغرب الأخضر ” و”الجيل الأخضر” اللتين تعدان رافعتين للنهوض بالقطاع الفلاحي وتحديث سلاسلهما وتقييمهما، وتوفير العرض الغذائي لتغطية كافة التراب الوطني، إلا أن هذا القطاع “لا يزال يعاني من العديد من الإشكاليات والإكراهات”، من قبيل “محدودية تأمين السيادة الغذائية في الحبوب والسكر والزيوت”، و”ضعف الارتقاء بمستوى الفلاح من حيث الإمكانيات المادية والمؤهلات الإنتاجية”، و”غلاء المدخلات الفلاحية”، و”تراكم القروض الفلاحية وفوائدها سنة وراء سنة”.
الرحوية، وضمن مساءلته للمسؤول الحكومي، نبه إلى واقع صرف الدعم والتحفيزات والاستهداف الفعلي للمُستحقين والمحتاجين من الفلاحين المتضررين، مشيرا إلى أن هذا الواقع يعرف العديد من المشاكل التدبيرية وسوء التوزيع الترابي والميداني مقابل ثقل الأوضاع البنيوية للقطاع والمتعلقة أساسا بالماء وغلاء أسعار الأسمدة، خاصة “الأزوتية” المستخدمة للتخصيب ورفع المردودية.
كما لفت الرحوية إلى عدم المشاكل المترنبة عن الديون الفلاحية والقروض وفوائدها، وكذا إلى تلف وضياع العديد من المنتوجات الفلاحية نتيجة عدم تثمينها في الأسواق غير المنظمة.
من جانبه، نبه الفريق الحركي على لسان رئيسه إدريس السنتيتسي إلى أن المواطن المغربي أصبح يواجه تحديات كبيرة بسبب ارتفاع تكلفة المعيشة، حيث أصبح الفقراء غير قادرين على شراء اللحم بسبب ارتفاع أسعاره، وباتوا يلجأون إلى اقتناء العظام “باش يديروا البنّة ديال اللحم في الطاجين ديالهم”، على حد تعبيره.
وتابع البرلماني ذاته مخاطبا صديقي: “هناك جزء من المواطنين يجدون أنفسهم مضطرين إلى اللجوء إلى استهلاك ما تبقى من الخضر في الأسواق، والتي قد تكون معظمها غير صالحة للاستهلاك، وذلك بسبب غلاء الأسعار الذي يعانون منه”.
بدوره، طالب الفريق الاشتراكي -المعارضة الاتحادية- وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، بأن يقوم بمصارحة المغاربة بخصوص مكامن الخطأ والنجاح في مخطط المغرب الأخضر. وأكد الفريق على أهمية أن يكون هناك تواصل جريء وصريح مع الرأي العام الوطني للكشف عن الجوانب الإيجابية والسلبية في هذا المخطط، الذي خصصت له الدولة ملايير الدرهم.
وفي رده على تدخلات البرلمانيين، أكد وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه أن المغرب يواجه “ظرفية استثنائية بسبب استمرار سنوات الجفاف”. وأوضح أن استهلاك الماء في القطاع الفلاحي انخفض إلى أقل من مليار متر مكعب خلال السنتين الماضيتين، بدلا من 3 إلى 5 مليارات متر مكعب كانت تستهلكها الفلاحة قبل عام 2021.
وزاد المسؤول الحكومي متحدثا إلى النواب قائلا: “نطلبوا الله يرحمنا بالشتا باش تكون الظروف جيدة”، ثم أضاف: “ومع ذلك، الإنتاجية في ظل هذه الكميات الحالية من الماء هي إنتاجية عالية جدا”، داعيا إلى إجراء مقارنة بين المنظومة الوطنية للإنتاج الفلاحي في المغرب وبين دول المحيط، حيث تعاني بعض هذه الدول من صعوبات كبيرة في تأمين أسواقها بالمنتجات الفلاحية، على حد قوله.
وتوقف صديقي عند إيجابيات مخطط “المغرب الأخضر”، مبرزا أنه قطع مع المقاربات الجزئية السابقة وجاء بمنظور شامل، داعيا منتقديه إلى العودة إلى مرحلة ما قبل هذا المخطط قبل الحديث عن الوضع الفلاحي بالمملكة.
واسترسل في دفاعه عن المخطط قائلا:”نحن في مسار هام، وذلك باعتراف مختلف المنظمات الدولية التي تقوم بتقييمات علمية في مجال الفلاحة. وهذا يظهر بوضوح من خلال الطلبات الذي تتوصل بها بلادنا من دول الجوار الإفريقي، بهدف الاستفادة من تجارب المملكة في المجال الفلاحي”.
وفيما يتعلق بموجة الغلاء، أقر صديقي بوجودها في الأسواق الوطنية، مؤكدا أن الجفاف ليس مصدر الغلاء الوحيد، بل يرتبط أيضا بظروف أخرى، في إشارة منه إلى الحرب الروسية الأوكرانية التي أثرت على سلاسل إمدادات الغداء عبر العالم.
تعليقات ( 0 )