الملاحظ اليوم أن بعض الأصوات، وبشكل فج يفتقر إلى التبصر، تتوجه بدعوات مباشرة إلى فصائل جماهير الوداد والرجاء بخصوص الديربي، بل وتحمّلها مسؤولية غياب الأجواء في مباراة يُفترض أنها قمة كروية.
لكن المقاربة السليمة لا تُبنى على الضغط أو الاستفزاز، بل على فتح نقاش جاد ومسؤول لفهم خلفيات هذا القرار، والإجابة عن السؤال الجوهري، لماذا قررت الجماهير الأكثر وفاء أن تغيب؟
هل هو مجرد سوء فهم عابر؟ أم أن هناك تراكمات ثقيلة قادت إلى هذه اللحظة المفصلية؟
بدل التهجم أو تسطيح الموضوع، من الضروري أن نطرح السؤال الحقيقي، ما الذي دفع جمهورا ضحّى بالغالي والنفيس في سبيل فرقه، إلى اتخاذ قرار الغياب؟
رغم الحب، رغم الشغف، ورغم رمزية المباراة التي تمثل جزءا من هوية الكرة المغربية.
إن التعامل مع جمهور الديربي من طرف بعض الأصوات النشاز، ككتلة يجب فقط استدعاؤها، هو تعامل يفتقر إلى أدنى فهم لدور هذه الجماهير، لمكانتها، ولمشروعها داخل الملاعب.
ولذلك، فإن صوت الحكمة يقتضي أولا الاعتراف بالمشكل، وفهمه بعمق، والإنصات قبل إطلاق الأحكام.
الحل لا يكون بالتعالي، بل بالحوار، وتفكيك الأعطاب المتراكمة، سواء الحقيقية أو المُتخيّلة، والذهاب نحو المصالحة من داخل العمق.
وللإنصاف، فقد عقدت السلطات اجتماعات رسمية مع الفصائل ودوّنت تقاريرها، وعلمت أن الأسباب متعددة ضمنها أحكام سجنية ثقيلة في حق مشجعين، و اختلال واضح في البنية التحتية مقارنة بمدن أخرى (كالرباط مثلا) وصعوبات التنقل ومتابعة المباريات، إلى جانب أزمة عميقة يعيشها قطبا الدار البيضاء على مستوى التسيير، والاستقرار، والهوية الرياضية.
وفي نقطة التنقل، والحضور الجماهيري،التي لابد أن نعترف أنه غاب عنها منطق تكافؤ الفرص، فيمكن لهذه المجموعات أن تلعب أدوارا إيجابية، وأن تُطلق مجتمعة بادرة إيجابية في هذا الاتجاه، تجعل التنافس في الملعب وفي التشجيع لا في الطرقات والأحياء والأزقة..
ما يثير القلق أكثر هو محاولة بعض “الكهنة الجدد” و”المتملقين” الدخول في المزايدات الفارغة، دون أن يُدركوا أنهم بذلك لا يساهمون إلا في تعميق الشرخ وإنتاج مزيد من النفور وسوء الفهم.
إن ديربي الوداد والرجاء ليس مجرد مباراة، هو إرث كروي ورأسمال رمزي، وجمهورهما ليس فقط مصدر فرجة، بل ركن من أركان الكرة الوطنية.
لهذا، فإن ما يحدث اليوم يجب أن يُفهم لا أن يُستفز، ويجب أن يُعالج بمنطق الإصلاح، وبمقاربة مسؤولة تنطلق من الاعتراف بالمشكل، وصولا إلى بناء منظومة كروية متماسكة، فيها على الأقل 12 ناديا ضمنها الوداد والرجاء بهيكلة وبنية إدارية قوية واستقرار مالي وتدبير مُعقلن، حتى تكون امتدادا لبنية ومنظومة المنتخبات الوطنية..
هذا قصب اعلى الجبهات في راديو مارس 😂 خذ العصير في ڪأس ڪبير يا مهضور 😂