من يحمي المغاربة رقميا؟

في زمن تتقدم فيه الدول بحصونها الرقمية، مازلنا نعيش على وقع الهشاشة في هذا المجال، وما جرى مؤخرا بعد اختراق مجموعة “جبروت” الجزائرية لموقع وزارة الإدماج الاقتصادي والكفاءات والمقاولة الصغرى، وحجم البيانات التي تم كشفها، ليس مجرد هجوم سيبراني عابر، بل صفعة قوية لمفهوم السيادة الرقمية، وضوء أحمر يُنذر بما هو أخطر.

القرصنة الأخيرة كشفت واقعا مؤلما مفاده أننا عراة رقميا وأن بياناتنا مكشوفة، ومعطياتنا معرضة للنهب، وعدد من مؤسساتناالرسمية تُدار بأنظمة مهترئة، بلا صيانة، وبلا يقظة استباقية.

هذه ليست أول مرة، وربما لن تكون الأخيرة، لأننا ببساطة لم نتعلم، ذلك أننا نضع ميزانيات ضخمة لتجهيز الإدارات بالبلازما والأثاث الفاخر، وحتى غرف النوم، لكننا نبخل على تأمين بيانات المواطنين.

لكن الكارثة الأكبر ليست فقط في وقوع الهجوم، بل في أن هناك من سبق ونبّه إليه، ولم يُؤخذ كلامه على محمل الجد.

ففي 3 أبريل، أي أياما فقط قبل الهجوم، خرج الخبير المغربي في الأمن السيبراني حسن خرجوج في منشور مفصل، يُحذر فيه من ثغرة أمنية خطيرة في موقع وزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات.

وشرح بدقة مهنية كيف أن ملفا حساسا ضمن نظام ووردبريس معرض لهجمات معينة، وهي بحسبه من أخطر أنواع الهجمات التي تُمكن القراصنة من التحكم الكامل في قواعد البيانات.

حسن خرجوج لم يطلق تحذيره في الظلام، بل كشف كيف أن معالجة هذه الثغرات بسيطة ويمكن تداركها في دقائق. ومع ذلك، لم يُحرّك أحد ساكنا..

فما معنى الرقمنة إذا كانت بلا حماية؟ وما جدوى التحول الرقمي إذا كنا لا نملك حتى جدار صد أمام أبسط الهجمات؟

وهل ننتظر في كل مرة أن يأتي خبير من فيسبوك ليُنبّه إلى ثغراتنا، ثم نتجاهله..

الهجوم الرقمي الأخير لم يكن فقط اختراقا تقنيا، لقد كشف هشاشتنا، وفضح استخفافنا، وجعلنا أمام سؤال لا يمكن تأجيله أكثر، من يحمي المغاربة رقميا؟

شارك المقال
  • تم النسخ

تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

المقال التالي