زلات شكيب بنموسى ورياضة بدون وزير!!

بعد مرور أسابيع على اختتام أولمبياد باريس، حل شكيب بنموسى، وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة ضيفا على لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، لمساءلته حول حصيلة المشاركة المغربية في الأولمبياد.
تحدث الوزير عن حصيلة المشاركة، واعتبرها إيجابية قياسا بالدورات الأربع السابقة، بما أن المغرب حصل على ميدالية ذهبية وبرونزية، بوأته المركز 60 عالميا، لكن ما لم يركز عليه الوزير هو أن المغرب حل في المركز التاسع إفريقيا والخامس عربيا، وهو ترتيب لا يليق بالمغرب في نطاقه القاري والعربي..
قد تكون المشاركة كذلك، بمنطق اجتزاء الأرقام الخادع، لكنها كانت مشاركة سيئة قياسا بإقصاء جميع المشاركين والمشاركات من الأدوار الأولى، وتأهل رياضيين فقط هما سفيان البقالي ومحمد تندوفت لمسابقة نهائية في 19 نوعا رياضيا شارك فيه المغرب، مع تصنيف رياضي واحد ضمن الثمانية الأوائل..
هذا دون الحديث عن التراجع المخيف لمجموعة من الأنواع الرياضية، فالملاكمة اكتفت لأول مرة في تاريخ مشاركاتها الأولمبية بحضور نسوي فقط، مع غياب كلي للملاكمين، والأمر نفسه ينطبق على التيكواندو الذي لم يؤهل أي رياضي، بينما حصد مشاركو الجيدو الهزائم ولم يتمن أي من مشاركيه الثلاث من الفوز ولو في مواجهة واحدة، وأما المصارعة فحدث ولا حرج، فالمصارع الوحيد الذي مثل المغرب أقصي من المباراة الأولى لعدم التكافؤ..
تحدث الوزير عن شروط صناعة الأبطال وكيف أصبحت الرياضة مجالا لتنافس جيو سياسي بين الدول، ثم عاد ليقول إن 116 دولة لم تصعد منصة التتويج، وأنه أصبح صعبا على الدول السائرة في طريق النمو، مثل الدول الإفريقية، أن تصنع الأبطال وتحصد الميداليات، لكن بنموسى نسي أن بلدا ككينيا يركز على ألعاب القوى فقط، احتل المركز 17 عالميا وجمع 11 ميدالية، بينها 4 ذهبيات وفضيتين و5 برونزيات، كما قال إن دولا كتركيا وإيران والهند وماليزيا حصلت على مراتب متأخرة!!، وهذا التبرير غير الصحيح لوحده فضيحة..
ربما لا يعرف بنموسى أو من أعدّوا له التقرير أن تركيا حصلت على 8 ميداليات ضمنها 3 فضيات و5 برونزيات، في خمس أنواع رياضية مختلفة، هي التيكواندو والمصارعة والملاكمة والرماية والرماية بالقوس، أما إيران فقد حصلت على المركز 21 عالميا، وهو تصنيف متقدم جدا، وجمعت 12 ميدالية، بين ذهب وفضة وبرونز، وفي نوعين رياضيين فقطا، هما المصارعة والتيكواندو، أما الهند فحصلت على 6 ميداليات بين البرونز والفضة في ألعاب القوى والهوكي والمصارعة والرماية، بينما فازت ماليزيا بميداليتين في البادمينتون..
قد نتفق مع الوزير في الشق المتعلق بالتنافس على المراكز العشر الأولى في سبورة ميداليات الأولمبياد، لأنها محجوزة لقوى عالمية، لكن ما دون ذلك فهو ممكن، إذا كان هناك عمل ورؤية وتخطيط، مع إسناد الأمور لأهلها، وإذا كان المسؤول عن القطاع يعرف تفاصيله جيدا، وإذا كانت للدولة إرادة لوضع القطاع على السكة الصحيحة، في زمن هيمن فيه الحديث عن الديبلوماسية الرياضية لدى المسؤولين اكثر من الحديث عن كيف يتم إعداد الأبطال وصناعتهم..
إن مسؤولية الوزارة ومن خلاها الحكومة ثابتة في ما يتعلق بالمشاركة المغربية في الأولمبياد، لأن القانون واضح في هذا المجال، أما الجامعات الرياضية التي تحولت إلى ملحقات لعدد من الرؤساء، فإنها أصبحت كذلك، لأن المراقبة غائبة ولأن بعض المسيرين تغولوا، ولأن الوزارة ومديرية رياضتها تتفرج على المشهد..
إن أعطاب الرياضة عديدة، بدءا من غياب نموذج استراتيجي لصناعة الأبطال من المستوى العالي، وغياب مراكز لمختلف الأنواع الرياضية، مرورا بنوعية المسؤولين عن القطاع في الوزارة وفي الجامعات، وتغول المسيرين، لكن المنطلق والمنتهى هو الرأسمال البشري، ووجود مسؤول سياسي له صلة بالقطاع، وتشعباته ومتاهاته، ولديه الشغف بالمجال..

شارك المقال
  • تم النسخ

تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

المقال التالي