تكذيب النيجر لبيان الخارجية الجزائرية، فضيحة دبلوماسية!

لفهم مزاعم وزارة الخارجية الجزائرية والبروبكاندا التي نشرتها في بيان رسمي حول قبول “النيجر لوساطة جزائرية” تبين انها مجرد اضغاث أحلام، يجب ان نعلم بأن الجزائر مرعوبة من التطورات الجارية حاليا في منطقة الساحل وتحديدا في ملف الأزواد والطوارق بصفة عامة، ولذلك فهي تسابق الزمن من أجل الحيلولة دون وساطة أي دولة في النيجر او مالي، وهي مرعوبة أكثر من دخول المغرب على وجه التحديد، كما حدث في ليبيا، كوسيط محايد يحظى بالمصداقية في هذه البلدان سواء لدى الأنظمة السابقة او الأنظمة التي جاءت بعد الانقلابات او لدى حركات الأزواد والطوارق. ما علاقة هذا كله ببلاغ النيجر الذي يكذب الخارجية الجزائرية؟
الجواب أنه في هذا الأسبوع أعلنت النيجر ومالي وبوركينافاسو عن قيام تحالف ثلاثي جديد في منطقة الساحل، وبموجبه تدعم جيوش النيجر وبوركينافاسو جيش مالي في الهجوم الحالي على الأزواد مدعومين بمرتزقة فاغنر الروسية. أمام هذا الوضع أصدر مجلس المقاومة الطوارقية في النيجر والذي يتزعمه مستشار الرئيس المخلوع محمد بازوم، بيانا يدعم فيه حركة تحرير الأزواد في مواجهة التحالف المذكور، كما أصدر المجلس الأعلى للطوارق (انظر نسخة البلاغ) بلاغا يدعم فيه الازواد، وهذا التنسيق بين الطوارق في الدول الثلاثة أرعب النظام الجزائري الذي يخشى من مطالب الطوارق في الاستقلال وإقامة دولة لشعب الطوارق الذي مزقه الاستعمار الفرنسي بين اربع دول. والجزائر تعلم أنه اذا قامت دولة للطوارق فإنها ستفقد على الأقل ربع مساحتها الجغرافية الموروثة بغير حق عن الاستعمار الفرنسي. لذلك فهي تسارع إلى إطفاء هذا الحريق المهول الذي سيحرقها وسيغير كل التوازنات والخرائط الجيوسياسية في المنطقة. وما يخيف الجزائر أكثر هو إعلان ممثلي الازواد عن مطالبتهم للمملكة المغربية التوسط لإيجاد حل عادل لقضيتهم، وأنهم لا يثقون في الجزائر لأنها كانت وراء كل المؤامرات التي حيكت ضد الازواد منذ انتفاضتهم سنة 1963للمطالبة بالاستقلال، حيث كان الرئيس الجزائري بومدين قد سمح للجيش المالي بالدخول إلى الأراضي الجزائرية بعمق 200 كلم لملاحقة ثوار الازواد، ومنذ ذلك الحين والجزائر تتآمر على الازواد وتحاول أن تختبئ وراء قناع الوساطة لإجهاض اي محاولة للاستقلال في مهدها، وما يسمى اتفاق الجزائر يدخل ضمن تلك المؤامرات، لذلك أعلنت أغلب فصائل الازواد رفضها للاتفاق.

وعلى مستوى آخر، يعتبر تكذيب وزارة خارجية النيجر لبيان الخارجية الجزائرية، دليلا آخر على أن الكذب والتضليل يعتبران من الركائز والأسس التي تقوم عليها الدبلوماسية الجزائرية ليس في قضية الصحراء المغربية فحسب، بل في كل القضايا التي تحشر فيها الجزائر أنفها.
وبفعل هذا السلوك غير دبلوماسي ولا الأخلاقي فقد اوقعت الجزائر نفسها في فخ، فبيانها (انظر نسخة منه) نسب الى النيجر رسالة مكتوبة توافق فيها على المخطط الجزائري للوساطة حول ما زعمت أنه أجل الستة أشهر للفترة الانتقالية، بينما جاء تكذيب النيجر جملة وتفصيلا لهذه المزاعم الجزائرية، وكذب وزير خارجية النيجر الرسالة المكتوبة المنسوبة إلى بلده، وقال انه تفاجأ من بيان الخارجية الجزائرية، وزاد وزير خارجية النيجر قائلا أن الأمر يتعلق بمجرد دردشة تمت بينه وبين وزير الخارجية الجزائرية، أحمد عطاف، في ردهات الأمم المتحدة على هامش اشغال جمعيتها العامة منذ بضعة ايام، بمعنى آخر وبالدارجة المغربية أن الأمر يتعلق بمجرد (تفراق اللغى) وأنه ليس هناك لا رسالة من طرف النيجر ولا موافقة على اي اقتراح جزائري ولاهم يحزنون!
وعلى الجزائر الآن أن تظهر للعالم هذه الرسالة التي زعمت انها تلقتها من النيجر، وإلا فإنها ستفقد ما تبقى لها من مصداقية، واشك أن لديها بقية من المصداقية، وستصبح فضيحة الجزائر فضيحة دولية، ونكتة تتداولها البعثات الدبلوماسية عبر العالم كما يتداولون فضيحة المليار وثلاث مائة مليون متر مكعب التي اعلن الرئيس الجزائري تبون أن بلاده ستقوم بتحليتها يوميا من مياه البحر..

شارك المقال
  • تم النسخ

تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

المقال التالي