لماذا يستقيل البوليس؟

منذ التاسع من هذا الشهر وُضعت على مكتب السيد عبداللطيف الحموشي وثيقة “نارية” “تجّرأت” على قول الحقيقة وعلى واقع البوليس، الذي لطالما نبهنا إلى خطورته..
الوثيقة التشخيصية (Diagnostique) حاولت معرفة الأسباب التي تجعل فئة واسعة من حملة زي الشرطة سرعان ما يدخلون في عزوف عن الوظيفة التي ارتضوها ذات أيام بحث عن توظيف، فيقررون خلع الزي والمغادرة عبر الاستقالة !
الأسباب كثيرة بحسب الوثيقة التي توصل بها كاتب هذه السطور، وكمثال فقط، وهذا ما يعتبر “خطيئة” كبرى -برأيي- هو رفع سن الإدماج في أسلاك الشرطة إلى 21 سنة بدلا من 18 سنة، كما هو في معظم الإدارات، وهو السن الذي يكون قد مكن المرشح من الحصول على شواهد جامعية محترمة، في الغالب وعلى الأقل، تكون الإجازة، وعندما ينجح في ولوج وظيفة البوليس، يفاجأ بأوضاع اعتقد عكسها؛ ومن ذلك كما تورد الوثيقة “إكراهات المهنة الشرطية والالتزامات التي تفرضها، سواء في ما يتعلق بتوقيت العمل وواجب التحفظ وتحمل الضغوطات الناجمة عن بعض المناسبات كالأعمال النظامية والتنقلات وغيرها… كما نوهت الوثيقة إلى طبيعة العمل القائمة على تأمين النقط الثابتة بالنسبة لمجموعات حفظ النظام ومجموعة حماية المواقع الحساسة، والتي تجعل موظف الشرطة يحس بالروتين وعدم المردودية وعدم الاستجابة لطلبات الانتقال أو الانتقال بالتبادل في الآجال المعقولة وجعل هذه العملية سنوية مما يزيد من إحباط العناصر التي لم يستجب لطلباتها..
معِدو الوثيقة/التقرير المرفوع إلى السي الحموشي خلصوا على صياغة مجموعة اقتراحات او توصيات لتفادي أو علاج هذه الوضعية غير المريحة التي تضطر الشباب إلى مغادرة سلك الشرطة في أوقات قياسية من التحاقهم بها، ومن ذلك اقترحوا “العناية بالجانب الاجتماعي والترفيهي لموظفي الشرطة على غرار بعض القطاعات العمومية، وخاصة ما يتعلق بالتفكير في مبادرات لتوفير السكن وفتح مراكز استشفائية جهوية مجهزة خاصة بأسرة الأمن الوطني، والنهوض الدوري بالأوضاع المادية للموظفين عبر تخصيص منح استثنائية، وخاصة في بعض المناسبات كالدخول المدرسي، والأعياد، والعطلة الصيفية، وذلك حتى تساير الإكراهات الحالية المرتبطة بارتفاع الأسعار وضعف القدرة الشرائية لدى شرائح واسعة منهم بفعل الاقتطاعات البنكية”.
كاتب هذه السطور سبق له التطرق لأبرز هذه المشاكل التي يتخبط في إخواننا البوليس، والتي جعلت البعض إما يقدم استقالته وهو بأرض الوطن أو بعدما فضل اجتياز الحدود والهجرة، تماما كما فعل ضابط من ولاية الرباط حديثا الذي فضل البقاء بالخارج/كندا ثم أمريكا. كما قد تكون هذه المشاكل من المسببات التي أرغمت البعض على أسوء وأقسى الحلول وهو قتل النفس، وهو ما لا نرضاه لأحد..
نتمنى التفاعل بأقصى سرعة وإيجابية ممكنة مع هذا الملف، لهذا القطاع الحساس ببلادنا، الذي كما يعلم الجميع، لا يسمح بالعمل النقابي المفروض أنه يتيح للعاملين به الفرصة للترافع عن قضاياهم وهمومهم..
والسلام
 نور الدين اليزيد
شارك المقال
  • تم النسخ

تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

المقال التالي