إلى الآن لازالت الفوضى والجرائم الخطيرة التي ترتكب في حق الملك العام دون حل أو ردع، رغم أنها مهمة روتينية يمكن التصدي لها عبر التدخل الزجري والاستباقي، دون الغرق في حملات الهدم الاستعراضية، مع ما يليها من تقاذف للمسؤولية بين المنتخبين ورجال السلطة.
الغريب أن السلطات وخلال فترة الحجر الصحي قامت بالقضاء على عدد من البؤر، و أزالت نسبة مهمة من الاعتداءات على الملك العام، لكن و مباشرة بعد تخفيف القيود عادت حليمة لعادتها القديمة، وبشكل يكشف وجود جهات تستفيد ماليا من إعادة إنتاج هذه الفوضى التي صارت”كاميلة” تصب عوائد صخمة لعدد من أصحاب “عين ميكة” من رجال السلطة.
الخطير أن التساهل مع هذا النوع من التسيب الذي انتقل كالعدوى، وبات حقا مكتسبا، قد تجاوز الملك العام، وامتد إلى الطرق العمومية بشكل شوه عددا من المدن المغربية التي لا تحتاج إلى المزيد في ظل كل البشاعة التي تعاني منها، والتي حولتها إلى فضاءات غير صالحة للعيش.
لن نتحدث عن جرائم التعمير التي ترتكب، والتي لا زالت متواصلة رغم كل ما قيل عن توظيف الأقمار الصناعية من أجل رصدها والحد منها، وهي الأقمار التي يبدو أنها طبعت ما يحدث من كوارث تزيد من قبح المدن،بعد تفريخ أحياء تضم مئات المنازل العشوائية، وإضافة طوابق دون تراخيص أو تصميم، بل نتحدث فقط عن السطو الذي يتم أمام انظار السلطة على السنتيمرات المتبقية المخصصة للراجلين، وفي أهم شوارع المملكة.
هذه المهمة هي من صميم اختصاص رجال السلطة الذين عليهم أن يغادروا مكاتبهم وان يعاينوا الفوضى التي تزحف على مدننا، والتي استفادت من تساهل وتسهيلات لتتجاوز أصحاب العربات المدفوعة، والمجرورة، والتريبرتورات التي تحولت إلى محلات تجارية.
اليوم أصبحنا أمام “ضسارة” من نوع آخر يمارسها أصحاب مشاريع بالمليارات، من مقاهي ومطاعم، ومراكز تسوق استولت على الملك العام المخصص للراجلين بالكامل، بعد أن وضعت أمامه متاريسا وكتلا اسمنتية تحت أنظار السلطة والمنتخبين الذين تعاموا بدورهم عن “تيراسات” مساحتها تتجاوز 300 متر أحدثث دون ترخيص.
القانون ليس ترفا، والتغيير الحقيقي يبدأ بتطبيقه على الجميع مع تحمل كل جهة لمسؤوليتها.
تعليقات ( 0 )