قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الجمعة، إنه سيتم نشر قوات أمنية إضافية للسيطرة على أعمال الشغب والاضطرابات التي تشهدها أنحاء مختلفة من فرنسا في أعقاب مقتل شاب برصاص شرطي. وأكد، في كلمة ألقاها بعد اجتماع أزمة لحكومته، أن وزارة الداخلية ستعمل على حشد «وسائل إضافية» للتعامل مع الاحتجاجات العنيفة، مندّداً «بالاستغلال غير المقبول لوفاة مراهق». كما دعا منصات التواصل الاجتماعي إلى حذف مشاهد الشغب «الحساسة»، وحمّل الآباء وأولياء الأمور مسؤولية إلقاء أبنائهم في المنازل، لافتاً إلى أن ثلث مَن تم اعتقالهم على خلفية أعمال الشغب ليلة الخميس إلى الجمعة صغار في السن.
طويلة لائحة المدن والضواحي التي اشتعلت ليلة الخميس إلى الجمعة، بعد أن انطلقت شرارتها من مدينة نانتير، الواقعة في ضاحية باريس الغربية، وهي آخذة بالتمدد إلى جميع الأراضي الفرنسية لتعيد إلى الأذهان ما عرفته البلاد من أعمال شغب وتمرد وحرائق واشتباكات في عام 2005، ثم إبان حراك «السترات الصفراء» بدءاً من أواخر عام 2018.
واليوم، تجد السلطات نفسها في حالة قريبة من العجز وهي مترددة حول الإجراءات والتدابير التي عليها اعتمادها لإطفاء الحريق المتنامي. وكانت نقطة البداية مقتل المراهق نائل، البالغ من العمر 17 عاماً، وهو من أصل جزائري ــ مغربي على يد رجل شرطة لرفضه الانصياع لأوامره بوقف محرك سيارته المسروقة والنزول منها. وعوضاً عن ذلك، عمد السائق إلى الإقلاع مجدداً، ما دفع الشرطي إلى إطلاق النار عليه من قرب ما تسبب بوفاته. وكما كان متوقعاً، انطلقت المظاهرات سريعاً جداً، وجاءت الاشتباكات ومعها إحراق السيارات وبعض المراكز العمومية. ولم تعد الأمور محصورة في نانتير أو في الضواحي المتاخمة لها وتلك الواقعة فيما يسمى «إيل دو فرانس»، أي المناطق المحيطة بالعاصمة، بل تمدّدت إلى المدن الكبرى في النواحي الأربع.
ومنذ يوم الأربعاء، تتلاحق الاجتماعات على جميع المستويات لإيجاد السبيل الناجع لإطفاء الحريق ومنع تفاقمه. ورغم أن السلطات عبّأت 40 ألف رجل أمن من جميع القطاعات وبعضها مزود بمدرعات، فإن ذلك لم يجدِ نفعاً، إذ إن ليلة الشغب الثالثة «الخميس إلى الجمعة» كانت الأكثر عنفاً. وتفيد أرقام الأجهزة الأمنية بأنه تم إلقاء القبض على أكثر من 800 شخص، وأصيب 249 رجل أمن.
وكان جيرالد دارمانان، وزير الداخلية، قد استدعى لهذه الليلة نحو 10 أضعاف من مختلف تشكيلات القوى الأمنية، ومنها المتخصصة في مكافحة الشغب. بيد أن النتيجة جاءت محدودة للغاية بالنظر إلى أعداد السيارات التي أُحرقت والمباني الرسمية المدمرة والسرقات المتنقلة. وباختصار، كان السؤال المطروح صباح الجمعة يدور حول ما يمكن أن تقرره «خلية الأزمة» التي دعاها الرئيس ماكرون للالتئام ظهراً للمرة الثانية خلال 24 ساعة في وزارة الداخلية.
من جانبها، عقدت إليزابيث بورن، رئيسة الحكومة، اجتماعاً صباح الجمعة لتقييم الوضع بحضور أربعة وزراء؛ بينهم وزيرا الداخلية والعدل. وغرّدت الأخيرة صباحاً، معتبرة أن اللجوء إلى العنف «غير مقبول ولا يمكن تبريره»، وأكدت دعمها للشرطة ورجال الإطفاء الذين «يقومون بواجبهم بشجاعة».
تعليقات ( 0 )