من يستمع للوزير بايتاس وهو يتحدث عن “الانجازات الكبيرة” لحكومة انهزمت أمام البصل، لابد له اليوم أن يطرح سؤالا عن مصداقية تصريحات هذا الناطق الذي صار مفلسا بعد أن خسر كل تبرايرته وفقد لياقة لسانه خشبي.
لن نعود لما حدث وراء الستارة في واقعة سحب بلاغ بنك المغرب حول رفع سعر الفائدة.
سنتوقف قليلا عند ردود الفعل التي أعقبت تصريحات المندوب السامي للتخطيط.
تصريحات جاءت مثل “سطل” ماء بارد على رأس اخنوش بعد أن اتهم الحكومة بالكذب بشأن هوية التضخم وحقيقة الوضع الاقتصادي للبلاد في سياق صار فيه الوضع الاجتماعي مثل قنبلة منزوعة الفتيل.
الحكومة وبعد أن استغرقت وقتا لبلع غصتها أطلقت بعض صغار الوزراء، ومعم بعض الحرافيش الحزبيين، لينوبوا عنها في تأكيد “سلالة” التضخم بأنه أعجمي، وقادم من بلاد الفرنجة، وليس “كحل الراس” مثلنا كما قال لحليمي.
هذا التناقض بين معطيات المندوبية وتصريحات الوزراء ليس جديدا، بل عشنا فصولا ساخنة منه وصلت حد التشكيك في خلفيات، و تقارير وأرقام المندوبية من طرف بعض الوزراء، ممن سبق وكشف المجلس الأعلى للسحابات أنهم يراكمون فشلا تلو آخر، و يغطون على ذلك بالنفخ في انجازات غير واقعية.
على رأس هؤلاء طبعا رئيس الحكومة السي اخنوش لي بيعنا العجل حين كان وزيرا للفلاحة، من خلال مخططه الأخضر، قبل أن يخرج البنك الدولي ليؤكد أن عشرات الآلاف من الأسر المغربية صارت تعاني من سوء التغذية، في الوقت الذي تضاعفت فيه ثروات الفلاحيين الكبار والمصدرين.
لقد تعودنا أن يصبح الكذب السياسي حلالا ومشروعا لدى السياسيين مع اقتراب الانتخابات.
لكن مع هذه الحكومة انطلق الكذب منذ لحظة تنصيبها ولازال مستمرا على مدار الساعة.
لطالما سمعنا خطابا حكوميا يصر على أن “العام زين”، وأن هناك معجزات تحققت، في الوقت الذي تحذر فيه التقارير الدولية والوطنية من تفاقم المؤشرات الكارثية، فيما يتعلق بالبطالة والهدر المدرسي، و نسب الديون وتنامي مسببات السخط الاجتماعي، وتردي المستوى المعيشي للمغاربة، وغرق القطاعات الاجتماعية، و تغول الفساد وتنامي الاحتكار والريع.
من حق المغاربة إذن يفقدوا ثقتهم في سياسيين يصنعون الوهم ويعيشون فيه، ويحاولون فوق ذلك إقناع الرأي العام باعتناقه.
هذا عوض التحلي بخطاب واقعي قريب من الشارع و انتظاراته المتراكمة التي لم تعد تحتمل لا التأجيل، ولا الحلول الترقيعية التي دأبت عليها الحكومة رضوخا لإملاءات المقرضين الكبار.
لن نلوم التلميذ النجيب لأخنوش على ما يرمي بها في وجوهنا من فقاعات بعد كل مجلس حكومي.
الرجل اتضح وفي أكثر من مناسبة أنه لازال غير مصدق لمنصبه، ويجتهد فقط للحفاظ على لسانين مادام العرف هو أن خطاب الحكومة عن المعجزات، ليس هو “تخراج العينين” الذي يميز الخطاب الحزبي.
الواقع أن من يستحق اللوم الشديد، هو هذا الزمن السياسي الرديء الذي وصلنا إليه، والذي جعل المغاربة في مواجهة نخب تتناوب على التنكر لهم في كل مرة، وفوق ذلك تطلب منهم بدعوى الواجب الوطني، أن يختاروا منها مجددا من سيجلس بالقرب من مائدة السلطة.
تماما كمن يفرض عليه الاختيار بين الطاعون والكوليرا..
تعليقات ( 0 )