قضت المحكمة الدستورية بإلغاء انتخاب محمد فضيلي ويونس أشن في الاقتراع الجزئي الذي أجري في 29 شتنبر 2022 بالدائرة الانتخابية المحلية “الدريوش” (إقليم الدريوش)، والذي أعلن على إثره انتخابهما عضوين بمجلس النواب، وأمرت بإجراء اقتراع جزئي لملء المقعدين اللذين كانا يشغلانهما به طبقا لأحكام المادة 91 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب.
وجاء قرار المحكمة بعد اطلاعها على العريضتين المسجلتين بأمانتها العامة في 27 أكتوبر 2022، الأولى قدمها عبد المنعم الفتاحي والثانية قدمها مصطفى الخلفيوي – بصفتهما مترشحين- طالبين فيهما إلغاء انتخاب فضيلي وأشن.
وقالت المحكمة إن “الاقتراع سار على نحو مخالف للقانون، أثر على شفافية وصدقية هذه العملية الانتخابية، ولم يضمن التعبير السليم عن إرادة الناخبين، مما يبعث على عدم الاطمئنان لما أسفرت عنه نتيجتها وتعين معه إلغاء انتخاب محمد فضيلي ويونس أشن، عضوين بمجلس النواب”.
واستندت المحكمة وهي تبث في المنازعة الانتخابية، إلى محاضر للدرك الملكي وشكايات موجهة إلى النيابة العامة بكل من الدريوش والناظور، وكذا إلى حكم قضائي، وقرار متابعة صادر عن قاضي التحقيق.
وأوردت المحكمة مجموعة من الاختلالات التي شابت سير الاقتراع، بعدد من مكاتب التصويت، من بينها مكتب التصويت رقم 13 بـ”جماعة امهاجر”، حيث قالت المحكمة إن “ممثل أحد لوائح الترشيح بمكتب التصويت رقم 13 (جماعة امهاجر) تمت مساومته من قبل أحد الأشخاص المشتكى بهم، بالوعد بتسليم مبلغ مالي من أجل تسهيل تصويت نساء ببطاقات وطنية للتعريف لناخبات غائبات، لفائدة المطعون في انتخابه الأول، وأن الممثل المذكور تظاهر بقبول العرض، وتسلم لهذا الغرض مبلغا ماليا، وضعه، لاحقا، رهن إشارة الضابطة القضائية لأغراض البحث، ثم تعرض الممثل المعني، بعد ذلك، للتهديد من قبل مناصري وابن المطعون في انتخابه الأول، وأنه غادر مكتب التصويت قبل انتهاء الاقتراع، ولم يحضر عملية فرز الأصوات وإحصائها، وأن الضابطة القضائية، تمكنت من تحديد هوية رئيس مكتب التصويت وهو يظهر، أثناء الاقتراع، خارج مكتب التصويت بمعية المشتكى به المعني، والذي أقر أيضا، أنه ليس مسجلا كناخب بالمكتب رقم 13 (جماعة امهاجر)، وأن النيابة العامة أوضحت، خلال المحاكمة، أنه فر من مكان الاقتراع عند حضور عناصر الدرك الملكي”.
ومن ضمن الاختلالات أيضا، أن عضوين من أعضاء المكتب صرحا لدى الضابطة القضائية بأنهما لا يعرفان القراءة والكتابة، مما يكونان معه، غير مستوفيين لشرط معرفة القراءة والكتابة للعضوية بالمكتب المذكور، طبقا للفقرة الثانية من المادة 74 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، التي تنص بصفة خاصة على أنه “يساعد رئيس مكتب التصويت ثلاثة أعضاء يتم تعيينهم وفق الكيفيات والشروط المشار إليها” في الفقرة الأولى من هذه المادة، ومنها علاقة بالحالة المعروضة، إحسان القراءة والكتابة”.
كما أشارت المحكمة إلى أن رئيس مكتب التصويت صرح، لدى الضابطة القضائية، بأنه كان يتحقق شخصيا من هوية الناخبين، في مخالفة للبنود 1 و2 و3 من الفقرة الأولى من المادة 77 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، التي تنص على أنه “يسلم الناخب، عند دخوله قاعة التصويت، إلى كاتب مكتب التصويت بطاقته الوطنية للتعريف؛”، وعلى أنه “يعلن الكاتب بصوت مسموع الاسم الكامل والرقم الترتيبي للناخب”، وعلى أنه “يأمر الرئيس بالتحقق من وجود اسم الناخب في لائحة الناخبين ومن هويته”.
المحكمة وضمن قرارها كشفت أن 17 شخصا مقيدين باللائحة الانتخابية لهذا المكتب، “سجلوا على أنهم أدلوا بأصواتهم، والحال أن التنقيط المجرى من قبل الضابطة القضائية على الناظم الآلي للإدارة العامة للأمن الوطني أثبت أنهم كانوا متواجدين خارج أرض الوطن يوم الاقتراع، كما خلا محضر مكتب التصويت من أية ملاحظة تخص تصويت أي من الناخبين بالمكتب المذكور، بالوكالة”.
وزادت “أن ناخبا واحدا مقيدا باللائحة الانتخابية بهذا المكتب، سجل أنه أدلى بصوته، والحال أنه كان متوفى في سنوات سابقة على تاريخ الاقتراع”.
واستطرت المحكمة في قرارها أن كاتب هذا المكتب صرح لدى الضابطة القضائية أنه “شاهد بعض الناخبين قدموا للتصويت في الصباح عددهم 5 أو 6 تقريبا…قدموا مجددا للتصويت بعد الزوال بعدما غيروا ملابسهم”، وأنه لم يتدخل، وأن رئيس مكتب التصويت، كان يعمد إلى تسليم بعض الناخبين عدة أوراق تصويت بدل واحدة، وأن هذا الأخير تغاضى أيضا عن التحقق من هويات جميع النساء اللواتي قدمن من أجل التصويت مرتديات كمامة أو وشاحا أو نقابا”.
كما تبين للمحكمة أيضا أن عدد الإشارات الموضوعة أمام أسماء الناخبين بالمكتب المذكور هو 286، لا يطابق ما ضمن بمحضر مكتب التصويت من أن عدد المصوتين به هو 379، وأن نظير محضر مكتب التصويت خلا من أية إشارة بهذا الخصوص، في مخالفة للفقرة الثالثة من المادة 78 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، التي تنص بصفة خاصة، على أنه” وإذا كان هذا العدد أكثر أو أقل من عدد المصوتين الموضوعة أمام أسمائهم الإشارة المنصوص عليها في المادة 77 أعلاه، وجبت الإشارة إلى ذلك في المحضر”.
وأشارت المحكمة كذلك إلى أن أحد أعضاء مكتب التصويت رقم 28 بـ”جماعة امطالسة”، طلب من رئيس المكتب السماح له بتوقيع محضر مكتب التصويت، قبل فتح الصندوق وفرز وإحصاء الأصوات، بعلة مرضه، واضطراره إلى مغادرة مكتب التصويت قبل انتهاء هذه العمليات، وهو ما تم بالفعل، في مخالفة للفقرتين الأولى والثانية من المادة 80 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب.
مكتب التصويت المذكور بالجماعة ذاتها شهد واقعة مشابهة لواقعة مكتب التصويت رقم 13 بـ”جماعة امهاجر”، حيث أكدت المحكمة في قرارها أن ناخبين مقيدين باللائحة الانتخابية بهذا المكتب، سجلا أنهما أدليا بصوتهما، والحال أنه كانا متوفيين قبل تاريخ الاقتراع المذكور، وأن أحد أعضاء المكتب أقر أثناء استنطاقه التفصيلي أن شقيقه المتوفى، سجل أنه أدلى بصوته، وأنه “تعذر عليه اكتشاف ذلك”، وان عضوا آخر به أقر أيضا أن المتوفى المعني عمه، وعزا عدم تنبهه لتصويت شخص آخر بدله، إلى “الضغط”.
وعلاوة على ذلك، أوردت المحكمة أن عدد الإشارات الموضوعة أمام أسماء الناخبين بالمكتب المذكور هو 411، لا يطابق ما ضمن بمحضر مكتب التصويت من أن عدد المصوتين به هو 448، في مخالفة للفقرة الثالثة من المادة 78 المشار إليها، وأن رئيس المكتب عزا هذا الفرق في تصريحه إلى “الإهمال والنسيان”.
كيف أطاح “ميت” برئيس لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب

تعليقات ( 0 )