لا أحد كان يتوقع أن يتفجر هذا الاصطدام القوي بين رئيس الحكومة ووالي بنك المغرب والمندوب السامي للتخطيط. فقد تحولت الأرقام والقرارات المتخذة لمواجهة أسوأ موجة تضخم منذ عقود إلى مواجهة مفتوحة، لم تأخذ فقط بعد التصريحات أو التصريحات المضادة، بل تحولت إلى قرارات وقراءات متناقضة للحلول الممكنة.
لذلك، ليس اعتباطا أن يخرج لحليمي ليحذر من التناقض الحاصل بين نموذج السياسة المالية (بنك المغرب)، والنموذج الميزانياتي (الحكومة)، وهو ما يقود في نهاية المطاف إلى واقع “كلها يلغي بلغاه”، رغم أن كل القرارات يفترض أن تخضع لمنطق متناغم مادام أنها تتعلق بنفس المنظومة الاقتصادية.
إن ما يزكي هذا الطرح هو تصريحات المهدي بنسعيد، وزير الشباب والثقافة والتواصل، الذي خرج قبل يومين يؤكد وجود تناقض في النموذج الاقتصادي لبنك المغرب والمندوبية السامية للتخطيط. ثم زاد قائلا: “الحكومة لها نموذج اقتصادي آخر”.
هذا يعني أننا أمام ثلاثة نماذج اقتصادية متناقضة، تقود إلى نتائج مختلفة، وبالتالي تتبلور من خلالها قرارات مختلفة أيضا. هذا الوضع حتى وإن لم يكن بالجديد، على اعتبار أننا عشنا في محطات سابقة ومنها مرحلة عبد الإله على وقع اصطدامات متكررة، لكن الذي يقع اليوم هو أننا أمام وضع اقتصادي واجتماعي خطير.
بلغة أخرى، فإن بنك المغرب يمارس اختصاصاته من زاوية مالية صرفة، بينما تبدو الحكومة عاجزة بشكل غير طبيعي على التعاطي مع هذه الأزمة، بعدما أنفقت ميزانيات ضخمة على إجراءات عشوائية وغير ذات مردودية، كما هو الحال بالنسبة لدعم مهنيي النقل.
الجواهري، لحليمي وأخنوش.. المكاشفة التي خلطت أوراق الحكومة

تعليقات ( 0 )