خرج محمد يتيم، الوزير الأسبق في التشغيل والقيادي في حزب العدالة والتنمية، بتدوينة ينتقد فيها موقف بعض الخطباء الذين اعتبروا غلاء الأسعار قدرا من أقدار الله، “وكأنه يتعين الاستسلام له والرضا به رضاءنا بالأقدار التي تقع خارج إرادتنا”.
وأضاف يتيم: “يستشهدون ببعض الأحاديث النبوية من قبيل حديث أنس بن مالك رضي الله عنه مرفوعاً الذي ورد فيه: ” قال الناسُ: يارسولَ الله، غَلَا السِّعْرُ فسَعِّرْ لنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ اللهَ هو المُسَعِّر القابضُ الباسطُ الرازقُ، وإني لأرجو أن ألقى اللهَ وليس أحدٌ منكم يُطالِبُني بمظلمةٍ في دمٍ ولا مالٍ». رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وأحمد”.
لكن بالرجوع إلى الحديث وسياق وروده، يتابع يتيم، “يتبين أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما رفض أن يتدخل في دينامية السوق المحكومة بقانون العرض والطلب وما قد يكون في التسعير من ظلم للتجار الذين قد تختلف جودة السلعة التي يعرضون والجهد الذي يبذلون في اقتنائها وفي عرضها مما قد يجعل التسعير مضرا ببعض التجار ومانعا من مكافأتهم عن الجهد المبذول”.
وشدد يتيم على أن “الغلاء وارتفاع الأسعار إذا كان نتيجة تواطؤ بين الباعة والتجار فإن الغلاء حينئذ يكون أكل مال الناس بالباطل، وإن لم يحصل تواطؤ منهم وإنما ارتفع السعر بسبب كثرة الطلب وقلة العرض، دون احتيال، فليس لولي الأمر أن يحد السعر، بل يترك الرعية يرزق الله بعضهم من بعض”.
وفي المقابل، اعتبر الوزير الأسبق أن “الغلاء حين يكون ناتجا عن جشع أو احتكار وانتهاز فرصة الندرة أو نتيجة التحكم في ولوج السلع للسوق؛ فإنه يجوز حينها لولي الأمر أن يسعر إذ لا يجوز للتجار أن يرفعوا السعر زيادة عن المعتاد”.
واعتبر أنه “للأسف الشديد فإن بعض الخطباء في سياقنا الحالي يخطبون مؤكدين أن غلاء الأسعار من الله من منطلق توظيف خاطئ لقوله صلى الله عليه وسلم :” إن الله هو المسعر ” !! وعلى الرغم من أن الأصل هو أن يكون السوق هو الذي يحدد الأسعار في علاقة بالعرض والطلب وجودة السلعة، فإن مسؤولية الدولة مراقبة الأسعار والضرب على يد المضاربين والمحتكرين ومقاومة الربح الفاحش غير المتناسب وعلي يد التجار المتواطئين من أحل ضرب قوانين المنافسة”.
واعتبر الرجل أن “ما نشهده من غلاء فاحش في الأسعار ليس في الحالة الراهنة ناتجا عن قانون العرض والطلب بل هو نتيجة تحكم واحتكار في السوق وغياب قواعد المنافسة وهوامش الربح الفاحشة الناتجة عن التواطؤ بين كبار التجار كما هو الشأن مثلا بالنسبة للمحروقات”.
تعليقات ( 0 )