في ظل الجدل المتواصل حول ما يطلق عليه البعض “الأرباح المبالغ فيها” التي تحققها شركات توزيع المحروقات في المغرب، جاء تقرير مجلس المنافسة ليكشف النقاب عن العلاقة المعقدة بين تحركات الأسعار العالمية للمنتجات النفطية المكررة، وتكاليف شرائها وأسعار بيعها داخل السوق المغربية خلال الربع الأول من عام 2025.
أوضح التقرير أن الأسعار المرجعية للغازوال والبنزين على المستوى الدولي شهدت انخفاضًا طفيفًا خلال الثلاثة أشهر الأولى من العام الجاري. فقد تراجع سعر الغازوال المكرر عالميًا بحوالي 7 سنتيمات للتر، فيما كان الانخفاض أكبر بالنسبة للبنزين، حيث بلغ 33 سنتيمًا.
ورغم ذلك، حافظت أسعار المحروقات في محطات الوقود بالمغرب على استقرار نسبي، حيث انخفض سعر البيع دون الرسوم (سعر التفويت) للبنزين بمقدار 13 سنتيمًا فقط، وهو تراجع أقل بكثير من التراجع في السوق العالمية. أما الغازوال، فقد انخفض سعر التفويت بنحو 15 سنتيمًا، وهو فرق ضئيل مقارنة بانخفاض تكلفة الشراء التي بلغت حوالي 12 سنتيمًا.
تشير البيانات إلى أن تكلفة شراء الغازوال ارتفعت خلال الفترة من 8.54 إلى 8.71 درهم للتر، بينما بلغ متوسط سعر بيعه للمحطات 10.02 درهم، مما يعني وجود هامش ربح يزيد على 1.3 درهم للتر (قبل احتساب الرسوم). الوضع أكثر وضوحًا بالنسبة للبنزين، حيث بلغت تكلفة الشراء 9.73 درهمًا للتر، في حين وصل سعر بيعه للمحطات إلى 11.73 درهمًا، ما يشكل فارقًا يصل إلى درهمين للتر، وهو هامش يثير تساؤلات حول مدى عدالتها ومبرراتها.
على الرغم من التقلبات الكبيرة التي شهدتها الأسواق النفطية العالمية، يؤكد التقرير أن الأسعار في المغرب لم تتغير بنفس الوتيرة، مما يقلل من مبرر الشركات في تحميل المستهلكين أسعارًا مرتفعة بزعم التكيف مع تحركات السوق العالمية.
التسعير بين تحرير السوق والرقابة
رغم تحرير سوق المحروقات بالمغرب منذ سنوات، يبرز من خلال تقرير مجلس المنافسة نمط تسعيري ثابت، ما دفع بعض المراقبين إلى المطالبة بإعادة تنظيم القطاع، سواء من خلال تحديد سقوف لهوامش الأرباح أو فرض رقابة أكثر صرامة، لضمان حماية المستهلكين من التلاعب في الأسعار.
رغم أن التقرير لم يتهم الشركات مباشرة بـ”الاستغلال المفرط”، إلا أنه قدم أرقامًا واضحة تظهر وجود هوامش ربح واسعة تثير نقاشًا مشروعًا حول مدى عدالة الأسعار التي يدفعها المواطن المغربي. وبينما ينتظر الجميع خطوات تنظيمية واضحة، يبقى السؤال مطروحًا: هل سيظل المستهلك المغربي أسير هوامش ربح غير منظمة وغياب رقابة حقيقية؟
تعليقات ( 0 )