التدبير المفوض وجيوب المغاربة

 

تستعد وزارة الداخلية لطفي صفحة التدبير المفوض  للماء والكهرباء من طرف شركات  أجنبية بعد ان راكمت هذه التجربة عددا من الفضائح والاختلالات، بل وكادت في بعض الأحيان أن تهدد السلم الاجتماعي.

هذه الشركات وقبل أن تودعنا حرصت على تفعيل زيادات جديدة بموجب العقود التي وافقت عليها وزارة الداخلية. في وقت ترفض فيه حكومة اخنوش أي زيادة في الأجور، وفي وقت تغرق فيه البلاد في التضخم والغلاء

للتدبير المفوض بالمغرب، تاريخ قديم، وسيء، يعود لأكثر من قرن، لكن كل سوابقه التي كان بعضها فادحا، لم تمنع مسؤولي هذا البلد من استنساخ أشكال منقحة له.

في بداية التسعينيات تغلغل  التدبير المفوض لعدد من المرافق، وخاصة منها تلك المتعلقة بالكهرباء والماء والتطهير والنقل الحضري، وبررت الدولة حينها هذا الجيل الجديد من التدبير بتجويد الخدمات وضمان الاستمرارية، وجلب الاستثمارات الأجنبية.

لكن الذي حصل هو أن الشركات الأجنبية وخاصة منها الفرنسية، دخلت للمغرب بصفر درهم، وتسلمت الملايير كقروض من البنوك المغربية، لتشرع في مراكمة الأرباح بقليل من الحق، وكثير من الباطل، قبل إيداعها في أرصدتها بالعملة الصعبة.

هذا فيما بقينا عالقين في نفس المشاكل القديمة، زحام واهانات في “الطوبسيات”، واختناقات للواد الحار، وغرق للمدن بعد كل تساقطات، و انقطاعات لكهرباء وماء أصبح الكثيرون يشككون في جودته قبل فواتيره.
قراءة سريعة في تجارب هذا التدبير تكشف أن البلد لم يربح شيئا مقارنة بالثروات الطائلة التي راكمتها شركات تستنزف المواطن.

شركات صار بعضها يعامل بدلال  مفرط ،على حساب المغاربة، كما حصل حين اندلعت احتجاجات الشموع بالشمال، بسبب “أمانديس” أو حين جربت “ريضال” تفويت عقدها لصندوق اسثتماري أجنبي، وكأن هذا البلد لا يملك قراره.

اليوم بلغ الأمر مداه بعد أن أصبح المغرب يدفع المليارات للشركات الأجنبية ل بقبول صفقات التدبير المفوض، كما حصل  في صفقة النقل الحضري بالرباط التي كلفتنا 15 مليار سنتيم، كهدية للشركة الاسبانية “الزا” التي صارت دون حسيب ولا رقيب.

حدث ذلك بعد أن باعت لنا شركة “ستاريو” الفرنسية “القرد”، وانسحبت  بشكل مهين للمغاربة، مخلفة ديونا بملايين الدراهم، بدعوى تكبدها لخسارة بقيمة 40 مليار في ظرف سنتين، دون أن تجد من  يطالب مدرائها الذين كانوا يتقاضون راتب وزير بالجلوس  إلى الطاولة، وكشف الحسابات.

هو  سيناريو سيتكرر ليجعل هذه الشركات تغادر البلاد  انطلاقا من سنة 2027 دون فتح سجلاتها السوداء.

شارك المقال
  • تم النسخ

تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

المقال التالي