وزارة السياحة.. كالأطرش في زفة المنتخب الوطني

الإنجاز التاريخي الذي حققه المنتخب الوطني المغربي لكرة القدم في مونديال قطر ربما قد لا يتكرر إلا بعد عقود أو سنوات. لذلك، فقد أحس وليد الركراكي وكتيبته بغصة في الحلق بعدم وصولهم إلى المقابلة النهائية، ولم لا الفوز بكأس العالم.. لكن القاعدة تقول “ما لا يدرك كله لا يترك جله”.. ونحن لا نريد اليوم من الركراكي وأبنائه إلا أن يستمروا بنفس الروح و”النية”، ويحققوا المزيد من التألق والإنجازات ومن بينها كأس إفريقيا القادمة، كما جاء على لسان الركراكي نفسه بعد مباراة كرواتيا.

لقد كان حلما جميلا فاق حتى توقعات المغاربة وكل المحللين الرياضيين.. فلم يكن أمل المغاربة إلا العبور نحو الدور الثاني على الأقل من أجل فك عقدة استمرت لعشرات السنين منذ منتخب 1986.. وهكذا كان المسار تاريخيا.. تساقطت فيه الخيول الأوروبية تباعا.. من بلجيكا وإسبانيا والبرتغال.. تلك الدول التي كانت تطمح إلى الوصول على الأقل إلى المربع الذهبي.

في أرض قطر، صنع المغاربة ملحمة وطن لا يؤمن بالمستحيل.. وتحول الحلم إلى حقيقة أبهرت العالم وأثبتت أن الصدفة لم تصنع هذا المنتخب، بل إن العمل الجاد و”المعقول” والكثير من “النية” في الإيمان بقدرة اللاعب المغربي على مقارعة الكبار، جعلتنا اليوم نتسيد عرش كبريات وسائل الإعلام الدولية.. حتى إن علامة المغرب أصبحت الأكثر رواجا في محرك البحث “غوغل”.

هذا التحول التاريخي وغير المسبوق الذي حققه المنتخب الوطني، ليس فقط رياضيا، بل في عدد كبير من المجالات.. في قدرة المغاربة على صناعة المعجزات.. في ثقة المغربي بنفسه.. في موقع المغرب السياسي والاقتصادي والثقافي.. كلها منجزات لم تحظ مع الأسف باهتمام بعض القطاعات الحكومية التي كان بإمكانها أن تستغل اللحظة لصناعة الفارق..

لقد كنا ننتظر أن تتحرك وزارة السياحة، التي أنفقت ميزانيات ضخمة طيلة عقود من أجل الترويج لوجهة المغرب وأنفقت بسخاء على استراتيجيات فاشلة لاستقطاب السياح الأجانب.. لقد كنا ننتظر من هذه الوزارة، بدل أن تطرح بعض الوصلات الإشهارية الطارئة، أن تجعل من هذا الحلم الذي حققه المنتخب المغربي محركا أساسيا للسياحة الوطنية.. لكنها لم تفعل.

ألم يكن حريا بهذه الوزارة أن تنزل، من خلال المكتب الوطني المغربي للسياحة، إلى قطر من أجل الترويج لوجهة المغرب السياحية.. ألم تحرك تلك المشاهد التي تناقلتها كاميرات الهواتف من بلدان بعيدة في آسيا وغيرها، غيرة المسؤولين على هذا القطاع من أجل التعريف بهذه المملكة التي لها كل المؤهلات لتوفير عرض سياحي محترم.

لقد شاهدنا كيف أن وزيرة “زنجبار” اختفت عن الأنظار في ذروة صعود علامة المغرب.. وبينما كنا ننتظر منها على الأقل أن تكون أول من يتلقف هذه الهدية الثمينة من المنتخب الوطني، وجدنا أنفسنا أمام فراغ قاتل، بينما قدم المنتخب الوطني المغربي لكرة القدم درسا بليغة في المسؤولية والمعقول والوطنية الصادقة في الدفاع عن القميص الوطني.. لعله يجد لدى بعض مسؤولينا حس “تامغريبت” الذي يسري في دم كل مواطن مغربي.

شارك المقال
  • تم النسخ

تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

المقال التالي