كتبت يومية “لوموند” الفرنسية مقالا مطولا حول أزمة الماء بالمغرب، مشيرة إلى أنه من خلال تصدير مجموعة من الفواكه مثل الطماطم والبطيخ والفراولة والبرتقال يبيع المغرب الماء الذي يفتقر إليه، وأوضحت أنه يواجه جفافاً شديدًا، حيث أصبحت صرخة الإنذار هذه أكثر إلحاحًا، خاصة من طرف الخبراء والناشطين والجمعيات البيئية، الذين يحذرون من عواقب الزراعة كثيفة الاستهلاك للمياه، والتي تتجه في الغالب نحو التصدير بدلاً من الاكتفاء الذاتي.
وأشارت الصحيفة في المقال المعنون بـ”المغرب يصدر الماء الذي ينقصه على شكل فواكه” إلى أن الوضع في المغرب الذي يتعرض للجفاف المتكرر، ينذر بالخطر، مبرزة أنه بتاريخ الخميس 6 أكتوبر الجاري، بلغ معدل ملء السدود 24 في المائة فقط، وفيما يقوم الفلاحون بحفر آبار أعمق للعثور على المياه، تتعرض جميع طبقات المياه الجوفية للاستغلال المفرط، علما أن البعض منها منهك في بعض الأماكن.
واستندت اليومية، إلى تصريح لفؤاد عمراوي، أستاذ علوم المياه في جامعة الحسن الثاني في الدار البيضاء، قال فيه إن نقص المياه يهدد حتى إمدادات القرى والبلدان والمدن بهذه المادة الحيوية، مما دفع بعض الجماعات إلى تقييد تدفق مياه الشرب.
وأضاف أن المغرب يعاني من “إجهاد مائي بنيوي”، حسبما ذكر البنك الدولي في تقريره حول الاقتصاد المغربي في يوليوز الماضي، مع وصول حصة الفرد من المياه إلى 600 متر مكعب من سنويًا، علما أن هذا المعدل كان يبلغ 2600 متر مكعب في عام 1960، وبذلك فإن الطلب على المياه يفوق بكثير الموارد المتاحة.
وتطرقت الجريدة للقرار الذي أصدره وزيرا الفلاحة والميزانية مؤخرا، والذي يضع حدا لدعم زراعة الحمضيات والبطيخ والأفوكادو، لدورها السلبي في الجفاف المستفحل في عدة مناطق، وبذلك لن يكون من الممكن الاستفادة من المساعدات للاستثمار في الري المحلي الخاص بهذه الفواكه، سواء من حيث حفر الآبار والضخ ومعدات التنقيط.
وفي ردها على القرار، قالت سليمة بلمقدم رئيسة حركة “مغرب البيئة 2050″ أن تأثير هذا القرار لن يكون كبيرا، خاصة مع وجود مستثمرين قادرين على إنشاء مشاريع تجارية بدون دعم، لأن الضيعات الفلاحية الكبرى التي تعتمد على هذا النوع من الفلاحات المستهلكة بقوة للمياه موجودة بالفعل، وتكفي لتجفيف كل شيء”.
وأكدت المتحدثة ذاتها في تصريح للصحيفة، على ضرورة إجراء تغيير جذري في السياسات الفلاحية بالنظر إلى حجم الأضرار الموجودة حاليا.
ومن جانبه، أكد الخبير الاقتصادي نجيب أقصبي لـ”لوموند” أن السياسات الفلاحية التصديرية التي تم دعهما على حساب المحاصيل الغذائية التي تبلي احتياجات السكان، مثل الحبوب والسكر وزيوت البذور، جعلت المغرب يستورد 100 في المائة من احتياجاته من الذرة، و 98 في المائة من زيوت البذور، وأكثر من النصف من القمح والسكر، ويوجد اليوم في حالة تبعية غذائية لم يعرفها من قبل، وهو اليوم يجرب عواقب ارتفاع الأسعار العالمية.
ولفت أقصبي إلى أنه في عام 2020، تم إطلاق خطة فلاحية جديدة، هي الجيل الأخضر 2020-2030، والتي تتماشى مع الخطة السابقة، وتهدف إلى مضاعفة الناتج المحلي الإجمالي الفلاحي، ورفع الصادرات بحلول عام 2030، مع حديث عن اعتماد “المرونة” في مواجهة تغير المناخ، و”الكفاءة البيئية”، و”مضاعفة حكامة المياه”، لكن يبقى السؤال هل تكفي هذه الوعود لحماية المغرب من العطش؟ لذلك لابد منه إعادة النظر في السياسة الفلاحية من الألف إلى الياء، فهل نحن على وشك القيام بهذا؟ مع الأسف لا أعتقد ذلك، يجيب أقصبي.
لوموند : في عز الجفاف…المغرب يصدر الماء الثمين على شكل فاكهة

تعليقات ( 0 )