أين اختفت الاحزاب؟ ……
صمت القبور الذي يسود المشهد يوحي وكأن الأمر يتعلق بعطلة مستحقة.
عطلة خلدت فيها الهيئات الحزبية للراحة بعد سنة شاقة من التدافع والترافع لصالح المواطن لتجويد حياته، و الدفاع عن حقوقه في مواجهة اللوبيات وشجع أصحاب المصالح لكن الصورة للأسف غير ذلك.
الأحزاب التي لطالما اشتكت من التجريف و التدجين ومن التبخيس ومن الإساءة لأدوارها وصورتها ، هي غارقة في الصمت ، في الوقت الذي يتفاقم فيه السخط المجتمعي الذي ترجمه هاشتاغ “اخنوش ارحل” .
في هذا الأمر توحدت أحزاب الأغلبية والمعارضة التي تكفي إطلالة عابرة على وجوه أمنائها العامين لتدرك أن الجميع مسقي بمغرفة واحدة، وأن الخرجات الحالية هي محاولة بئيسة للركوب على “الهاشتاغ” لا غير.
الشارع صار مقتنعا اليوم أكثر من أي وقت مضى بأن صناديق الانتخابات تنتج فقط ضجيجا للاستهلاك، وكثيرا من نفايات الورق، وفي النهاية كائنات تغير جلدها بمجرد توليها للمناصب والمسؤوليات، وهو ما ينبئ بنسبة عزوف قد تزيد من تآكل مشروعية عدد من المؤسسات وتعمق أزمة الثقة فيها.
عزوف لا يمكن للصمت الحالي إلا أن يزيد في مداه بعد أن استقالت الأحزاب من مهمتها الوجودية المتمثلة في تأطير المواطن، كما استقالت من الترافع عن قضاياه ليصبح النقاش العمومي والاحتجاج رهينة لمواقع التواصل الاجتماعي أما السياسيون فلا يملكون سوى بيع الوهم من خلال التراشق الكلامي والاتهامات.
لطالما اشتكت الأحزاب من تبخيس أدوارها لكن مقارنة بسيطة لواقعها الحالي مع ما كان عليه الحال قبل سنوات قليلة، يكشف أنها من تمادى في الانبطاح بحثا عن ريع المناصب ، والامتيازات التي تلقى إليها تباعا، وبالتناوب.
واقع جعلها في النهاية مثل الدجاج، طائر، لكمه عاجز عن الطيران، ومستسلم لليد التي تطعمه.
يقول المثل لا يمكن أن تقوم بالأمر بنفس الطريقة مرتين وتتوقع نتيجة مختلفة، و الغبي وحده من يعاكس هذه الحقيقة.
تعليقات ( 0 )