أوحال السدود توسع قائمة مدن العطش بالمغرب

 أزمة العطش التي تحولت إلى موعد سنوي بعدد من المدن ليست طارئة، أو عابرة، بل هي تحصيل حتمي لتحذيرات وردت في عدة تقارير دولية صدرت قبل سنوات،ونبهت وبشكل صريح إلى أن المغرب مهدد بندرة الماء.
تحذيرات لم تكن كافية لإقناع الحكومات المتعاقبة بالاستعداد للسنوات العجاف، قبل أن تجد الدولة نفسها في مواجهة احتجاجات أخمدتها بالهراوات و الاعتقالات، بعد أن توزعت رقعتها الجغرافية لتتجاوز منطق العطش التقليدية، إلى مدن كانت إلى وقت قريب غير معنية  بأزمة الماء.
 ففي سنة 2016،وقبل اندلاع احتجاجات العطش شهدت مدينة تطوان أزمة ماء غير مسبوقة، نغصت حياة أزيد من نصف مليون مواطن، بعد أن هوى المخزون المائي إلى أرقام مخيفة نتيجة تراجع نسب التساقطات المطرية  لثلاث سنوات متتالية.
 شح المطر جعل المخزون بالكاد يكفي لثلاثة أشهر، ما دفع السلطات إلى اتخاذ الخيار الوحيد المتبقي في غياب بديل آخر، من خلال تقليص استهلاك الماء بنسبة 30 في المائة، وفرض ساعات محددة لتزويد ساكنة مدينة تقع جغرافيا ضمن منطقة تعرف تساقطات مطرية مهمة، لكنها صارت مهددة بانعدام تام للماء والغرق في العطش، في حال استمرار انحباس المطر لأسابيع إضافية.
 هذه الأزمة كشفت ومن جديد أن ندرة الماء لم تعد حكرا على المناطق الجنوبية، أو على الجنوب الشرقي في ضل عدم انتظام التساقطات الذي أضاف أسماء جديدة تزاحمت في قوائم مدن العطش.
 واقع مقلق أكده أيضا  الإحصاء الذي أعده المكتب الوطني للماء والكهرباء سنة 2017،عقب الاحتجاجات التي أخرجت آلالاف، والذي كشف أنه من أصل 681 مركزا حضريا يخضع للمكتب، هناك حوالي 40 مركزا يعاني من انقطاعات واضطرابات متكررة في تزويدها بالماء، وأن هناك 37 منطقة في المغرب مهددة بأزمة عطش.
 هذه الأرقام  المقلقة ناجمة بالأساس عن تراجع التساقطات المطرية التي انخفضت منذ الثمانينات من القرن الماضي بحوالي20في المائة،ما قلص نصيب الفرد من الموارد المائية،من 3500 متر مكعب للفرد سنة 1960 إلى 730 متر مكعب لكل فرد سنة 2005، قبل أن يهوي  الرقم إلى ما دون إلى 650 متر مكعب لكل مغربي مع احتمال انهياره إلى  اقل من 500 متر مكعب لكل نسمة في افق سنة2050 .

 الخطر القادم

  وفي تكرار لما ورد في عدد من التقارير الدولية التي دقت ناقوس الخطر، ونبهت إلى أن العطش يوسع رقعه انتشاره بالمغرب،و يزحف بشكل سريع نحو مناطق جديدة  سبق لعدد من البرلمانيين وحذروا من  أن المغرب يصنف ضمن البلدان التي تعاني من إجهاد مرتفع للموارد المائية.
وأنه يقترب تدريجيا من وضعية الندرة القصوى للمياه في حال انخفض نصيب الفرد من المياه إلى دون 500 متر مكعب لكل نسمة، مشيرا إلى أن الكلفة الحالية لتردي الموارد المائية تقدر بحوالي 10 مليار درهم سنة 2014، أي ما يعادل 1% من الناتج الداخلي الخام، فيما تتراوح كلفة تعبئة الماء ما بين 2 و6 درهم للمتر المكعب بالنسبة لمياه السدود،وما بين 10 و20 درهم للمتر المكعب في ما يخص مياه البحر المحلاة،.
 هذا في الوقت الذي تقلص فيه المخزون من المياه الجوفية بحوالي النصف منذ سنة 2000، لينخفض من حوالي 7 مليار متر مكعب خلال هذه السنة إلى 4 مليار متر مكعب حاليا.
 سرعة زحف العطش  في اتجاه مدن جديدة يكرسه حسب ذات المصدر التوزيع المجالي غير العادل لموارد ومصادر المياه، وذلك بسبب تمركز حوالي 70% من موارد المياه في مناطق معينة تمثل 15% من ساحة التراب الوطني،  اخذا بيعن الاعتبار أن الحوضين المائيين للوكوس وسبو يتوفران معا على حوالي نصف حجم المياه السطحية، وأن الأحواض المائية السبعة المتبقية تتقاسم نصف الباقي  من المياه السطحية.
 و يبقى لافتا عدم مبادرة الحكومة إلى الآن  للتصدي لخطر كبير يهدد الأمن المائي للبلاد، في ضل امتلاء السدود بالأوحال العالقة في قعرها والتي تهدر 75 مليون لتر مكعب من السعة الإجمالية للسدود الوطنية، حيث يقدر حجم المياه غير المستغلة جراء هذه الأوحال بحوالي 2,1 مليار متر مكعب سنويا، تصب في البحر لتعذر المحافظة عليها، وهي كمية  تمثل حوالي 12% من مجموع المياه التي توفرها السدود سنويا، علما أن 40 سدا تواجه حاليا مشكل الأوحال بعد أن فقد بعضها اكثر من نصف سعة التخزين.
  المفارقة أن جهة الرباط أصبحت بدورها ضمن المناطق المهددة بمشكل ندرة الماء، في حال عدم البحث عن موارد جديدة، وعلقنة استعمال هذه المادة الحيوية، وهو وتحذير سبق وان تم  إطلاقه سنة 2016،دون أن يلقى أي آذان صاغية.
كلمات دلالية
شارك المقال
  • تم النسخ

تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

المقال التالي