في المحن والشدائد لا يكتشف المرء معادن الناس فقط، بل ومعادن بعض القطاعات التي لم تكتف باستنزاف جيوب المغاربة، وانتقلت لمستوى خطير من الطمع والجشع والانتهازية.
تماما كما فعل لوبي التعليم الخاص، اليوم، وهو يحاول أن يحصل على امتيازات جديدة من الدولة.
جاء ذلك بعد أن قدم لرئيس الحكومة السابق مراسلة يدعي فيها أن القطاع “هش “،ومقبل على الإفلاس، وأنه الأولى بالحصول على جزء من الأموال التي رصدت لمحاربة فيروس “كورونا”.
هذا اللوبي”الجيعان” سارع بمفرده لمحاولة ابتزاز الدولة، وهرول للحصول على دعم مالي، و اعفاءات ضريبية، في الوقت الذي واصل فيه حلب جيوب حوالي مليون و الف100 أسرة تتحمل شهريا عبء تسمين أرصدة عدد من مليارديرات مدارس “البريفي”.
الخطوة التي أقدم عليها لوبي التعليم الخاص الذي يواصل إحداث مؤسسات جديدة بالملايير، تكشف ومن جديد ضرورة تدخل الدولة لمواجهة أسلوب العصابات الذي تعود التعامل به.
أسلوب لا علاقة له لا بالتعليم، ولا بالتربية التي صارت سلعة يجني من ورائها أزيد من عشرين مليار درهم كرقم معاملات سنوي بعد أن استفاد بعض عرابيه من هدايا العقارات التي كانت مخصصة في الأصل لإحداث مدارس عمومية.
هذه الخطوة الغبية والمستفزة عرت الرصيد الحقيقي من الوطنية والحس الأخلاقي لدى هذا اللوبي الذي يختلط فيه أصحاب الشكارة، و”طاشرونات” العقار، بالسياسيين، والبرلمانيين، والوزراء السابقين، وبعض النافذين ممن يزاوجون بين المال والسلطة، وهي عينات جديدة صارت تشكل بدورها تهديدا للبلاد.
عينات تتعامل مع الوطن، ومع المغاربة بلغة المال، وحجم الأرصدة البنكية التي جعلتها تتجاهل هذه المحنة القاسية التي تهددنا جميعا، لتقوم وبوجه “قاصح” باستغلال قضية التعليم للي ذراع الدولة وابتزازها، وهو سلوك أرعن يتعين أنلا يمر بدون رد.
حدث هذا لأن الدولة لازالت تتعامل مع التعليم كعبء مالي مرهق، لذا فكرت في أن تحوله إلى تجارة تستفيد منها ضريبيا على حساب الأسر وبالتالي وضعت يدها في يد “طاشرونات” التعليم.
لقد كانت جائحة كورونا فرصة لاستخلاص الدورس والعبر، خاصة مع رفض الأسر دفع مقابل عن خدمة لم تلتزم بها مؤسسات التعليم، لكن لا شيء من ذلك حدث.
بل عاينا كيف تحولت هذه الأزمة إلى فرصة لهذا اللوبي من أجل ابتزاز الدولة، كما فعل حين أعلن عن إضراب وطني إنذاري لم ينتبه له أحد.
كما نبهنا إلى أن هذه الأزمة تفرض ومن جديد على الدولة أن تعيد النظر في علاقتها مع القطاع الذي يصر صقوره على أنهم يقدمون سلعة ويقبضون ثمنها فيما تقول الحكومة أنهم يقدمون “خدمة عمومية”.
لقد أكدت الوزارة وعلى لسان أكثر من وزير أنها لن تقحم نفسها في العلاقة المالية بين الأسر، ومؤسسات التعليم، وهو تصريح “جبان”، أصاب هذا اللوبي بحالة سعار تقتضي من الدولة أن تبادر لإعادته لحجمه الطبيعي، مع رد الاعتبار لدور المدرسة العمومية التي تجتهد معاول كثيرة في هدم أساساتها بحجة الإصلاح والتجويد
لقد أسقط فيروس “كورونا” القناع عن عدد من تجار الأزمات والمآسي. واليوم نعاين كيف تسلم هذا اللوبي مشعل الابتزاز من جديد، وشرع في التباكي ،رغم أنه ضل يجني أرباحا فلكية طوال سنين طويلة، راكم فيها أيضا الكثير من السمعة السيئة، والفضائح، والممارسات غير القانونية التي سكتت عنها الدولة.
تعليم كان ملاذا للكسالى والمشاغبين والمطرودين ومدمني الرسوب، وأصحاب السوابق العنيفة، قبل أن يحصل على هدية من الدولة “ليبيعنا العجل” من خلال “وهم الجودة”.
مهما طال الزمن ستحصد الدولة نتيجة هذه التعامي والتساهل مع لوبيات تعاملها كشريك استراتيجي في تنزيل سياسات فاشلة ومدمرة لأي مجهود تنموي.
سياسات كشفت هذه الأزمة عن ضرورة التخلي عنها، مع مراجعة عدد من الأخطاء الفادحة التي ارتكبت طول عقود، وذلك من خلال استرجاع المبادرة خاصة في قطاع الصحة والتعليم.
تعليقات ( 0 )