صمت النقابات يخيف الموظفين من صفقة "مشبوهة"

التقاعد في سن الـ65.. خلطة بنكيران التي سيطبقها أخنوش

في انتظار الإفراج عن تفاصيل خطة إنقاذ نظام المعاشات المدنية، وأيضا الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، التزمت المركزيات النقابية الأكثر تمثيلية الصمت أمام توجه حكومي سيحمل الموظفين والأجراء وزر إصلاح صناديق تعرضت لسوء التدبير في مراحل سابقة، وأضحت اليوم أقرب إلى الإفلاس بالرغم من الإجراءات القاسية التي اتخذها بنكيران واستهدفت الموظف بشكل مباشر.

سيتذكر الكثيرون الحرب التي دارت بين بنكيران وعدد من المركزيات النقابية حول ملف التقاعد. ففي غياب توافق حول المشروع، قرر رئيس الحكومة الأسبق أن يتجه مباشرة نحو البرلمان من أجل تمرير مشاريع القوانين التي تحمل إجراءات الإصلاح من منظور الرجل، بالرغم من رفض النقابات.

في تلك اللحظة، كانت المركزيات النقابية تحاول أن تنقذ ماء وجهها، لاسيما وأن العلاقات مع بنكيران كانت جد متوترة، حيث فشلت النقابات في تلك المرحلة في حماية الموظفين وعموم المغاربة من إجراءات وقرارات لا شعبية تحمل وزرها بشكل أساسي المواطن، سواء تعلق الأمر بإصلاح التقاعد أو باقي الإجراءات التي كانت تهدف إلى تحقيق التوازنات الاقتصادية على حساب القدرة الشرائية.

وهكذا كان، فقد شجع ترهل الفاعل النقابي وضعفه أمام فاعل حكومي فرض منطقه ورؤيته، حتى وإن كانت ضد على مصالح الموظفين والمواطنين، رئيس الحكومة الأسبق في الدفع بإصلاحه دون أن يكترث للنقابات..حينها خرج بنكيران ليقول بأنه عندما استحال إيجاد حل مع النقابات بخصوص نظام المعاشات المدنية، تمت إحالة الملف برمته على المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الذي قدم مجموعة من المقترحات التي روعيت فيها مطالب المركزيات النقابية.

رحل بنكيران وجاء بعده العثماني، ثم تقلد أخنوش رئاسة الحكومة…وبين كل هذه المحطات، جرت مياه كثيرة تحت الجسر، لكن الأوضاع الاجتماعية المتردية ازدادت تعقدا لدى عدد من الفئات، بما فيها الطبقة المتوسطة التي داس عليها بنكيران بقراراته العشوائية، وازدادت الأوضاع سوء بعد الجائحة والأزمة الأوكرانية..

ورغم ذلك، فإن بنكيران لازال وفيا لمنهجه القاضي بضرب هذه الطبقة، وإلا فما الذي يفسر خروجه لـ”التحريض” ضدها عندما يعبر عن رفضه للزيادة في أجور الموظفين، باستثناء الفئات الدنيا، والرفع من الدعم المخصص للمقاصة وأن يؤدي الأطر السعر الحقيقي لقنينة الغاز بـ130 درهما…؟

ورقة 65 سنة

في اللحظة التي كان فيها بنكيران يواجه غضب النقابات، وأمام غياب أي توافق حول ملف التقاعد، سارع الرجل إلى طلب رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الذي كان يرأسه آنذاك نزار بركة. وعلى الرغم من تأكيد المجلس على استعجالية إصلاح نظام المعاشات المدنية، غير أنه شدد على ضرورة إدراج هذا الإصلاح في إطار إرساء قطب عمومي وإصلاح شامل لمجموع الأنظمة، مع اتخاذ إجراءات عاجلة على الفور، والحرص على وضوح الرؤية لمختف المتدخلين والحكامة الملائمة.

في تفاصيل خطة بنكيران لإصلاح نظام المعاشات المدنية، كان هناك توجه لدى الرجل من أجل رفع سن القاعد إلى 65 سنة، أي زيادة 5 سنوات دفعة واحدة في حياة الموظف داخل الإدارة..وتؤكد مصادر كانت متابعة لهذا الملف، أنه لولا توصيات بعض الهيئات المؤسساتية، لكان إصلاح بنكيران بأثر أسوأ على الوضعية المهنية والاقتصادية والاجتماعية للموظفين.

وتفاعلا مع طلب الرأي الذي تقدم به رئيس الحكومة آنذاك، جاء رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي ليقترح رفع سن التقاعد إلى 63 سنة عوض 65 سنة التي كانت تقترحها الحكومة التي قبلت بهذا المقترح في الوقت الذي صوتت ضده النقابات باعتبارها ممثلة في المجلس الاقتصادي والاجتماعي..لكن بعد مرور سنوات على هذا الإصلاح، سيعود تحديد سن التقاعد في 65 سنة إلى الواجهة مع حكومة أخنوش بينما لا يعرف لحد الآن موقف النقابات.

بنكيران والموظفون

لم يهدأ لعبد الإله بنكيران بال حتى وإن كان قد غادر رئاسة الحكومة. فالرجل الذي عانت في عهده شريحة موظفي الدولة من قرارات عشوائية ساهمت في ضرب قدرتهم الشرائية، يعود اليوم ليبدي اعتراضه على مضامين الاتفاق الاجتماعي بالرغم من هزالة القرارات التي حملها، بل ويلقي بخطاب أقرب إلى “تحريض” الحكومة ضد الطبقة المتوسطة، التي تعرضت قدرتها الشرائية لضربات متتالية انطلقت أساسا في عهد زعيم “المصباح”.

اليوم يعود بنكيران من جديد، في لقاء حزبي، ليعلن رفضه الزيادة في أجور الموظفين، وهو يعلم جيدا حجم الزيادات القياسية التي شهدتها مختلف المواد الاستهلاكية، ما يؤثر بشكل مباشر على القدرة الشرائية للموظفين وعموم المغاربة..بل إنه لم يقو، في عهده، على مواجهة اللوبيات الحقيقية التي ظلت تستفيد من الامتيازات والإعفاءات الضريبية، وعارض في أكثر من مرة الضريبة على الثروة..بالرغم من خطاباته كانت توحي بأنه يعمل من أجل الفئات المستضعفة.

خرجة بنكيران الأخيرة، في مؤتمر جهوي للحزب بجهة درعة تافيلالت، أكد فيها أنه لا يمكن الزيادة في الأجور في هذه الظروف التي تمر منها البلاد، معتبرا أنه لو كان رئيسا للحكومة “ما غاديش نزيدكم حتى ريال وإنما غادي نخبي الفلوس لأن هذه ظروف شديدة تحتاج إلى ادخار الأموال للأيام القادمة”.

وأضاف رئيس الحكومة الأسبق أنه إذا كان يرغب في الزيادة فينبغي أن تشمل من هم في الفئات الدنيا، من الذين لا يملكون أي شيء، قبل أن يؤكد بأن هذه المقاربة التي يمتلكها العدالة والتنمية، ومشيرا إلى “إذا كانت أجرة الموظف اليوم 10 ألاف درهم فما وفوق ما خاصوا يدور برئيس الحكومة”.

هذه التصريحات تنضاف إليها أمور أخطر تتعلق بمسألة دعم الدول لبعض المواد الاستهلاكية، وعلى رأسها المقاصة. فالرجل لا يمانع في أن تتحمل الطبقة المتوسطة وزر رفع الدعم، عندما خاطب الحاضرين في اللقاء الحزبي: “أنتم الأطر ستؤدون 130 درهم لقنينة الغاز، لكن ما يهمني هو عموم المواطنين الذين كنت سأخصص لهم برنامجا للدعم.

شارك المقال
  • تم النسخ

تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

المقال التالي