ما الفرق بين الصاروخ الباليستي والفرط الصوتي اللذين تمتلكهما إيران؟

في تصعيد متواصل، شنت إيران سلسلة هجمات صاروخية استهدفت عمق الأراضي الإسرائيلية، حيث أطلقت أكثر من 400 صاروخ، تركزت غالبيتها على منطقة تل أبيب الكبرى ومدينة حيفا.

المشهد الأكثر تداولاً كان لانفجار صاروخ بسرعة هائلة في منطقة بات يام جنوب تل أبيب، التُقط من عدة زوايا، وأدى إلى مقتل ستة أشخاص على الأقل وإصابة أكثر من 200 آخرين، معظمهم في حالة حرجة، فيما لا يزال أكثر من 35 شخصًا في عداد المفقودين تحت الأنقاض، ما يرجّح ارتفاع عدد الضحايا في الساعات القادمة.

وأكدت السلطات الإسرائيلية أن الصاروخ الإيراني تسبب بانفجار ضخم خلّف دمارًا واسعًا، طالت تأثيراته 61 مبنى سكنيًا، منها سبعة دُمرت بالكامل، وستة أخرى صنّفت كغير صالحة للسكن وتحتاج إلى هدم فوري، إضافة إلى أضرار جزئية في عشرات المباني المجاورة.

وأشارت مصادر عسكرية إلى أن الصاروخ الذي أصاب بات يام لم يكن صاروخًا بالستيًا تقليديًا، بل صاروخًا فرط صوتي (هايبرسونيك)، يتميز بمسار طيران غير منتظم وقدرة عالية على المناورة، ما يجعله يتفادى أنظمة الرصد والاعتراض. وتزيد سرعته، التي تفوق سرعة الصوت بخمس مرات، من قدرته التدميرية نتيجة الطاقة الحركية الكبيرة التي يكتسبها خلال تحليقه.

ويتعلق الأمر بالصاروخ الإيراني الفرط صوتي من نوع “فتاح-1” و”فتاح-2″، اللذان ظهرا لأول مرة في أواخر سنة 2023. هذا الصاروخ تم استخدامه عدة مرات في استهداف مواقع داخل إسرائيل، وسنبدأ أولاً بشرح مميزاته التقنية، ثم ننتقل لطريقة عمله وكيفية اختراقه لمنظومات الدفاع الجوي.

الصاروخ “فتاح” هو في الحقيقة نسخة إيرانية مستنسخة من الصاروخ الصيني DF-17، الذي كُشف عنه لأول مرة سنة 2019. ويأتي ذلك في سياق تعاون واسع بين الصين وإيران في مجال تكنولوجيا الصواريخ ونقل المعرفة، وهو تعاون شمل أيضًا كوريا الشمالية، التي طورت صاروخًا فرط صوتيًّا خاصًا بها سنة 2021 بعد نقل التقنية من الصين، ويشبه تصميمه بشكل كبير صاروخ DF-17.

بالنسبة لقدرات “فتاح”، فيبلغ مداه حوالي 1400 كيلومتر، ويطير بسرعات تتراوح ما بين 5000 و15000 كيلومتر في الساعة. أحد أكبر التحديات التي تواجه تصنيع هذا النوع من الصواريخ هو تحمل الرأس الحربي لدرجات حرارة عالية جدًّا ناتجة عن الاحتكاك بجزيئات الهواء أثناء الطيران، والتي قد تتجاوز 2000 درجة مئوية، خصوصًا في مرحلة الانقضاض على الهدف. ولهذا يتم تصنيع الرأس من مواد مركبة خاصة مثل سبائك التيتانيوم، وألياف الكربون، والسيراميك المقاوم للحرارة.

أما عن الفروقات بين الصاروخ الفرط صوتي والصاروخ الباليستي، فالرأس الحربي للفرط صوتي يكون بتصميم خاص يساعد على تقليل الاحتكاك وزيادة السرعة، في حين أن الصاروخ الباليستي يتبع مسارًا مقوسًا ثابتًا ورأسه يكون تقليديًّا.

يبدأ الصاروخ الفرط صوتي رحلته مثل أي صاروخ باليستي باستخدام محرك دفع صاروخي كبير، يخرجه من الغلاف الجوي. بعد ذلك، ينفصل المحرك عن الرأس الحربي، ويعود الجزء السفلي إلى الأرض، بينما يواصل الرأس الحربي رحلته نحو الهدف، مناورًا لتفادي الرصد والاعتراض.

في المرحلة الثالثة، وهي مرحلة الانقضاض، يُشغل الرأس الحربي محركًا خلفيًّا إضافيًّا يضاعف سرعته لتصل أحيانًا إلى 15000 كلم/س. هذه السرعة الهائلة تجعل من شبه المستحيل على الدفاعات الجوية التنبؤ بمساره أو اعتراضه، وتُعدّ في حد ذاتها قوة تدميرية إضافية إلى جانب الرأس الحربي.

اعتراض هذا النوع من الصواريخ لا يكون ممكنًا إلا في المرحلتين الأولى أو الثانية من طيرانه. لكن بما أن إيران بعيدة جغرافيًّا عن إسرائيل، فإن المرحلة الأولى تكون خارج نطاق الدفاعات، ولا يتبقى لإسرائيل سوى فرصة ضئيلة خلال المرحلة الثانية لاعتراض الصاروخ، باستخدام أنظمة مثل “إيجيس”، و”ثاد”، أو “آرو-3″، وهي أنظمة قادرة على اعتراض الصواريخ خارج الغلاف الجوي.

أما أنظمة مثل “القبة الحديدية”، و”مقلاع داوود”، و”باتريوت”، فهي مخصصة للمرحلة الثالثة داخل الغلاف الجوي، لكن اعتراض صاروخ فرط صوتي في هذه المرحلة يعتبر شبه مستحيل نظرًا لسرعته الكبيرة.

ويبقى السؤال: لماذا لا تستخدم إيران هذه الصواريخ بكثافة؟ الجواب بسيط، لأنها باهظة التكلفة ومعقدة الإنتاج، ولذلك تعتمد إيران على إطلاق عشرات الصواريخ الباليستية التقليدية ضمنها صاروخ واحد فرط صوتي فقط.

كلمات دلالية
شارك المقال
  • تم النسخ

تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

المقال التالي