علمتنا خطابات الغرب وأفعاله، في كافة أرجاء العالم، أن الحروب تخدم عدة صناعات وراءها مصالح كبرى في مجال المال والإنتاج والأسواق. علمتنا أبواق الغرب أن الكلام عن القيم الإنسانية الجميلة مجرد تنويم للشعب. علمتنا، منذ 1948 عقب النكبة، وحرب 1956ضد قرار تأميم قناة السويس، وحرب 1967 التي سجلت دخول أمريكا في كنف القرار الإسرائيلي، وحرب العراق الأولى والثانية، ما سمي بالربيع العربي؛ علمتنا أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وكثير من دول أفريقيا قد وضعت على رقعة الشطرنج في لعبة متجددة للاستعمار الجديد. وتم تأثيث المشهد السياسي في منطقتنا ” ببروز مفاجأ ” لحركات إرهابية ذات إمكانيات مالية ولوجيستيكية رهيبة. خلقت القاعدة وداعش وعدة حركات بأسماء مختلفة وبأسلحة كثيرة. وفي لحظات قليلة تم تقديم طبق شهي ومخيف للإعلام الغربي، وأصبح الإرهاب “الإسلاماوي والعربي ” مأدبة يتحلق حولها اللئام “. ولزيادة الملح على الطعام، أجمع الغرب على اتهام كل مدافع عن أطفال فلسطين إلى معاد للسامية. ولا يخفى على أحد كيف نظم هذا الغرب شبكات لتهجير شباب مغرر به من دول عربية ومن أبناء الجاليات إلى سوريا والعراق، وامنوا لهم ممرات عبر حدود تركيا. ولم يطلق أحد من ” القاعدة وداعش ومشتقاتها ” رصاصة واحدة نحو إسرائيل. ولنا في هدوء رئيس سوريا الجديد وبلاده تستهدف يوميا، وحدود بلاده تنتهك كذلك وتستعمر خير مثال على اللعبة تتميز بالإتقان الامبريالي.
أن يتم قتل أطفال بسلاح غربي الصنع في بلاد تدعي أنها حامية لقيم حقوق الإنسان، فهذه فضيحة الفضائح الكبرى. ان تقرر مؤسسات إنجلترا وألمانيا وفرنسا وكثير من دول عالم الأغنياء التي دمرت القارات الخمس منذ أكثر من قرنين، فهذا يوجد في ” جينات” هذه الدول التي تعترف اليوم بالولايات الأمريكية كراعية لكل أشكال العنف ضد البشر.
زادت درجات العنف، وزاد عدد الضحايا الذين دخلوا، غدرا، إلى قوائم العنف الصهيوني الذي وصفت رسميا بجرائم ضد الإنسانية. وتخيل المتصهينون، والمصرحون ” بأنهم إسرائيليون”، أن حكم الصهاينة سيسود العالم إلى الأبد. يصدقون كل كذب وهراء ورد، بكتابة بشرية، أن هذا الحكم أتى من السماء. هل يعلم المتصهينون أن كل علماء وفلاسفة اليهود، ذوي العقل النقدي، قد تم عزلهم واقصاءهم من كل أشكال العيش المشترك. ولكم في تجربة سبينوزا، كإنسان وكفيلسوف، خير مثال على العنف التوراثي والإجرام اليهودي المتطرف. اقرؤوا جيدا كل حكايات كتاب العهد القديم الذي شوه تاريخ الإنسانية. اقرؤوا بعين العقل كل سطور هذا الكتاب الذي صور خالق الأكوان كأنه ” مخلوق ” يساوم جزءا صغير من خلقه على أنه أفضل ما خلق وأنه ” شعب ألله المختار”. وقرأنا في محكم التنزيل أن العالي تعالى ” فضلهم على العالمين وانزل عليهم المن والسلوى”. وصوروا، خطأ، أن ألله سبحانه وتعالى صاحب مصنع للحلوى. وهكذا نفذت الإسرائيليات إلى نصوصنا الدينية. وتحولت إلى أسلحة فتاكة ضد بعضنا البعض.
و لا يمكن أن نثق بمن كذبوا على الله. ولا يمكن أن نثق بعهودهم. إنهم قوم سيطروا على أمريكا وأوروبا، وسمح لهم الغرب كله أن يبيدوا الشرق كله. ذابت واحترقت كل القيم. وصل ضعف القيم الإنسانية إلى تقبل قصف لبشر فلسطيني يمشي في الشارع. يتقن طيار صهيوني يقود طائرة أمريكية إصابة طفل فلسطيني في رأسه. ثم ينام المجرم وداعموه في أوروبا بعد أن انتشوا برؤية جثة طفل أو امرأة أو شيخ فلسطيني. ينتشي الغرب صاحب خطابات حول حقوق الإنسان ويوجه التهمة إلى كل من قال أن الشعب الفلسطيني له حق في الحياة وفي الدفاع عن نفسه.
وستظل الحقيقة التاريخية هي تلك التي تؤكد أن المظلوم سيطرد الظالم. ستتهاوى الصهيونية لأنها من أصل يوجد في شرق أوروبا. من يتسلح بالكذب، سيعتبر نفسه جزءا من تزوير التاريخ. وتتجدد الأرواح لدى مواطني العالم، وتزداد درجات الإيمان بقوة النضال رغم جرائم بني صهيون المدعوم بصناع آليات قتل الأطفال والنساء والشيوخ، وكل معاول هدم المنازل ذات الأجنحة والمحركات التي تقذف بيوت الفلسطينيين ليلا ونهارا. لا يهم القاتل الصهيوني أن يتحول رضيع فلسطيني إلى أشلاء. ولا زال سماسرة الإعلام في بلدنا ينصبون أنفسهم، ذراعا إعلاميا ” شبه رسمي” لتخويف المواطن. لكن الرد يأتيهم من الشارع المغربي الذي سيظل على العهد. مئات آلاف المتظاهرين يجددون بإستمرار أنهم ثابتون في وفاءهم للقضية الفلسطينية. لقد ظن هتلر أن السيطرة على العالم ممكنة، فكانت الهزيمة عنوان مصيره. ستتراجع موجات الردة التي تسيطر على الغرب وعلى اتباعه الذين يخدمون مصالحه عن بعد. إننا نعيش على إيقاع ما كان يسمى ” بتناقضات الرأسمالية الثانوية”، وسنعيش خلال الأيام المقبلة تحول هذه التناقضات لتصبح ” مركزية واساسية”. تتراجع البورصات وتتهاوى قواعد المنظمة العالمية للتجارة، تتخبط الأبناك في مستنقع تمويل الاقتصادات. وهكذا، ولأول مرة بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، تختلط الأوراق عالميا. يتهاوى سعر الذهب والدولار وسعر كل قيم الإنتاج. وستكون النتيجة حربا على كل الاتفاقيات التي صنعت عالم ما بعد الحرب. سيتم إقفال كل المؤسسات الدولية بدءا بالأمم المتحدة، ومنظمات الصحة والغذاء والثقافة ومحكمة العدل الدولية وكل آليات ضبط العلاقات الدولية. وستكون الإنسانية على موعد مع نسب تضخم كبيرة وتناقص للقدرة الشرائية وتبخر لأليات الأداء بفعل مؤامرة كبرى على الادخار وحرمان البشر من وسائل الدخول إلى الأسواق. أمريكا تعيش عالة على ادخار العالم ومديونيتها تتجاوز كثيرا ناتجها الداخلي الإجمالي. ولا يمكنها أن تعيد بناء اقتصادها بوسيلة أخرى غير الحرب المدمرة على العالم.
عصابات الدمار تحكم الغرب والشرق والاقتصاد.. خطر داهم وحرب على العالم

تعليقات ( 0 )