كلنا لصوص

 

الوقفات الاحتجاجية ضد تنامي الفساد دليل واضح على أن الحكومات بالمغرب ترحل، ويبقى الفساد راسخا، وصامدا في وجه الجميع بكل عناوينه من ريع واحتكار ونهب وتبديد لمدخرات المغاربة وثرواتهم.

اليوم ومع الفضائح المالية التي سالت من تقرير المجلس الأعلى للحسابات لا بأس Hن نتذكر أن الأحزاب التي لبست زي الحملان لتتباكى على المغاربة، وتهاجم من يكذب عليهم، ويستنزف جيوبهم، ويسرق أحلامهم خلال الحملة الانتخابية، هي ذاتها التي تصدت وبكل شراسة لتجريم الإثراء غير المشروع في مشروع القانون الجنائي.

ما جاء به تقرير المجلس الأعلى يضع الكثير من الأحزاب في قفص الإدانة، ويجعلها مثل عاهرة تحاضر في الشرف بعد أن امتد الطمع لأموال الدعم ومصاريف الحملات الانتخابية.

الأحزاب السياسية لم تكتف بمد يدها، وطلب الرفع من قيمة الدعم المالي الذي قالت أنه سيخصص لتأطير المواطنين، بل عادت لتنتج نفس الفضائح المالية التي سالت من تقرير المجلس الأعلى للحسابات السابقة.

المعطيات التي وردت في التقرير كافية لجعل المغاربة يبالغون في كفرهم بالسياسة، والسياسيين، أخذا بعين الاعتبار السياقات الحالية، بعد أن وقفت معظم الأحزاب مثل سارق دون ضمير أمام قضاة المجلس لتبرير الوزيعة و”التخوفيش” الذي وقع في أموال الدعم، ومصاريف الحملة الانتخابية.

قبل ذلك بسنوات سمع المغاربة جملة من “أين لك هذا”، وهي حقبة وللمفارقة اجتهد فيها النهب ليضخ في أرصدة عدد من المسؤولين على اختلاف مستوياتهم ثروات جديدة بترت من المال العام، قبل أن تطوى هذه الصفحة بصفقة “عفا الله عما سلف”، و التي ربحنا منها السحت والفتات، مقابل عفو سمح  للأموال المهربة خارج البلاد بأن تتجاوز 41 مليار دولار.

معارضة تجريم الإثراء غير المشروع قبل إقباره على عهد وزير “العلاقات الرضائية” هو وصمة عار على جبين معظم الأحزاب، ودليل على وجود تواطئات متشعبة تفسر كيف توضع ملفات الفساد في الثلاجة وتكتم أنفاسها في غرف البحث والتحقيق .

هذا الأمر ليس طارئا بل يمتد لسنوات خلت، بعد أن حاصرت أسماء تحتل مواقع مسؤولية بارزة، أي محاولة تشريعية قد تعبد الطريق لملاحقة الثروات المشبوهة، حتى لا تفتح ملفات موظفين ومسؤولين كبار حولوا المؤسسات العمومية لضيعات خاصة.

واقع يشرح لنا كيف أيضا كيف أن وزراء و رؤساء جماعات أو مسؤولين رواتبهم معروفة، وسقف تعويضاتهم محدد، تحولوا بعد تصريح هزيل بالممتلكات إلى أثرياء جدد.

تماما كحال بعض الأسماء السياسية التي حلت بالرباط معدمة، وأصبحت تقطن الآن في أرقى الأحياء وتركب سيارات رباعية الدفع، سنوات قليلة على  تولي المناصب التي يتيحها الريع الحزبي وهي أسماء تتوزع بين الأغلبية والمعارضة.

الثابت أن مواجهة الفساد، ليس مرتبطة بالقوانين لأن أزمتنا مرتبطة بالتفعيل، وبعدم وجود إرادة حقيقية لدى الدولة، ولدى أحزاب، ونقابات صارت تنتج لنا أشكالا جديدة من الفساد والمفسدين، حتى صرنا أمام جيل جديد من “ولاد علي” لكن هذه المرة داخل المؤسسات الرسمية.

شارك المقال
  • تم النسخ

تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

المقال التالي