على غير العادة، وحتى قبل أن تنطلق جولات الحوار الاجتماعي، سارع رئيس الحكومة عزيز أخنوش إلى مجالسة المركزيات النقابية في قطاع التعليم، أملا في هدنة تمنح لوزيره شكيب بنموسى فسحة للتفكير خارج دائرة الضغط والاحتقان.
محضر الاتفاق الذي أعلنت عنه رئاسة الحكومة جاء بمجموعة من الالتزامات والوعود، لعل أبرزها إحداث نظام أساسي محفز وموحد يشمل جميع فئات المنظومة التربوية في غضون سنة 2022. وهو ما يعني، ضمنيا، مخرجا لأزمة الاساتذة المتعاقدين.
لكن بعيدا عن محاولات كسب الثقة وانتزاع هدنة اجتماعية في قطاع يعرف عشرات الاحتجاجات بشكل يومي، تبدو الوزارة الوصية على القطاع تائهة في غابة من الاختلالات العميقة التي يستحيل معها تحقيق أي إصلاح مهما حسنت النيات.
من جهة، هناك حوالي 30 ملفا مرتبطا بمطالب مختلف الفئات والضحايا الذين أفرزتهم نصوص قانونية مختلفة..ومن جهة ثانية، هناك واقع منظومة تعليمية لم تحسم الحكومات المتعاقبة في شكلها ومضمونها والغاية منها.
هل سيواصل شكيب بنموسى تنزيل القانون الإطار، أم سيعكف الرجل على بلورة خطة جديدة للإصلاح، ربما استنادا إلى خلاصات النموذج التنموي؟ إلى حد تبقى الأجوبة غامضة، وإن كان المنطق يقتضي الاستمرار في تنزيل قانون الرؤية الاستراتيجية.
هذا القانون أخذ الكثير من الوقت، ويحتاج اليوم إلى التنزيل رغم أن المشرع لم يحسم في عدد من الإشكاليات العميقة. وأولى هذه الإشكالات هناك لغة التدريس، حيث لازال أبناء المغاربة تائهون بين تجاذبات العربية والفرنسية.
معركة لغة التدريس انتهت، خلال مناقشة مشروع القانون الإطار، إلى فرنسة المواد العلمية والتقنية..لكن هذا الخيار بدوره لا يحل المشكل..لاسيما وأن مستوى التلاميذ في العربية أو الفرنسية يظل متدنيا، ويخلف عاهات مستدامة ترافق التلاميذ في التعليم العالي.
أما إشكالية المناهج فتخفي من ورائها غابة اختلالات عميقة وارتباكا واضحا في حسم المضمون قبل الشكل..حتى أن بعض التعديلات التي تجري بشكل دوري على المناهج أصبحت تثير الكثير من الجدل، بسبب الزلات والمضامين التي لا ترقى إلى التحولات التي يشهدها المجتمع المغربي.
كل هذه الاختلالات ينضاف إليها مشكل مزمن يرتبط بحكامة تسيير هذا القطاع..ففضائح البرنامج الاستعجالي لازالت عصية على النسيان، لاسيما وأن الأمر يتعلق بميزانية ثقيلة تجاوزت 40 مليار درهم..تبخرت دون أن يكون لها وقع إيجابي على المنظومة التعليمية..اللهم تفريخ مجموعة من الأثرياء الجدد، الذين راكموا أموالا طائلة خلال سنوات معدودة..
إصلاح التعليم.. “كبوة” الحكومات

تعليقات ( 0 )