شرعت الآف الحسابات الوهمية في ملاحقة الصفحات والمقالات التي تناولت فوز شركة رئيس الحكومة بصفقة عمومية قيمتها 15 مليار درهم بعد اتهام هذا الأخير بتضارب المصالح، واستغلال النفوذ.
و قام الذباب الإلكتروني بإنزال واسع على مواقع التواصل الاجتماعي بعد محاصرة رئيس الحكومة بأسئلة تشكك في شفافية هذه الصفقة.
جاء ذلك بعد أن فازت شركته بصفقة عمومية مشتركة مع الخواص، وهو ما اعتبره عبد الله بووانو، رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، عبر صفحته الرسمية فضيحة سياسية تعري حجم الفساد بالمغرب.
وتزامن حشد الذباب الالكتروني مع المرافعة المرتبكة اللتي قدمها البرلماني لحسن السعدي بمجلس النواب، والذي دافع فيها عن أخنوش، وشركته، قائلا أن الصفقة كانت شفافة، متهما في الوقت ذاته حزب العدالة والتنمية بالوقوف وراء حملة للتشويش على أخنوش بعد أن فشل في مقارعته في الميدان وفق تعبيره.
وكانت المجموعة المكونة من الشركة الإسبانية “أكسيونا”؛ و”أفريقيا غاز” و”كَرين أوف أفريكا”، والأخيرتان هما شركتان فرعيتان لمجموعة “أكوا”، لمالكها الرئيسي عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، قد فازت بصفقة إنشاء محطة الدار البيضاء الكبرى لتحلية مياه البحر.
قيمة هذه الصفقة تصل إلى ما يناهز 1,5 مليار دولار، اي 15 مليار درهم، فيما مدة فترة استغلال هذه المحطة تصل إلى 30 سنة بما فيها 3 سنوات مخصصة للأشغال.
اخنوش يسيطر على الغاز والأوكسجين والماء والمحروقات
وتعليقا على ذلك قال بووانو “طبعا المثير الذي يجب الوقوف عنده من طرف كل الغيورين على الدستور وعلى دولة الحق والقانون، وكل المعنيين بمحاربة تنازع المصالح، هو كيف يمكن لمجموعة يملكها رئيس الحكومة أن تتنافس بطريقة حرة وشريفة وتنال بطريقة لا شبهة ولا لبس فيها هذه الصفقة الضخمة، في مجال حيوي واستراتيجي الذي هو الماء؟”.
وأضاف بووانو “صحيح أن الدستور في فصله 35 يضمن حق الملكية، وحرية المبادرة والمقاولة، لكنه يفرض أيضا في الفصل نفسه التنافس الحر، ويعاقب في الفصل 36 على المخالفات المتعلقة بحالات تنازع المصالح، ويعاقب كذلك على الشطط في استغلال مواقع النفوذ والامتياز، ووضعيات الاحتكار والهيمنة، وباقي الممارسات المخالفة لمبادئ المنافسة الحرة والمشروعة في العلاقات الاقتصادية”.
وقال “في الحقيقة نحن أمام فضيحة سياسية وأمام تطور خطير في مجال المال والأعمال ببلدنا، تتعلق بتنازع صارخ للمصالح، لأن شركتين من الشركات الثلاث التي رست عليها الصفقة، مملوكتان لرئيس الحكومة السيد عزيز أخنوش، ورئيس وزير التجهيز الوصي والمتابع لمختلف العمليات المرتبطة بهذه الصفقة، بل إن المجموعة الاقتصادية لرئيس الحكومة مساهمة في الشركة الثالثة !
وتابع بووانو “السؤال الذي يطرح نفسه أيضا وبقوة، هو ماذا بقي بعد المحروقات السائلة التي يقع فيها رئيس الحكومة منذ 2021، بعد أن كان وزيرا للفلاحة منذ 2007، في الوضع المهيمن على السوق، حيث يبيع بالأسعار التي يحددها ويريدها ؟ وماذا بعد الغاز الذي تقع فيه شركة رئيس الحكومة في وضعية شبه احتكارية ؟ وماذا بعد الأوكسجين الطبي ؟ إنه الماء يدخل مجال نفوذ رئيس الحكومة ! إنه تأميم السياسة عبر احتكار قطاعات ومجالات حيوية بالأموال العمومية وبمئات ملايير الدراهم المخصصة لها سواء عبر الصفقات العمومية أو عبر صندوق المقاصة”.
وختم بووانو قائلا “المحروقات؛ الغاز؛ الأوكسجين؛ الماء، كل هذا الخليط مع السياسة…استفيقوا يرحمكم الله .. وأنقذوا صورة دولة الحق والقانون وأرجعوا الهيبة للدستور قبل أن يتحول زواج المال بالسياسة إلى غول يلتهم الأخضر واليابس !!!”
تمويل سخي للذباب بملايين الدراهم
يذكر أن الذباب الكتروني الذي يدعم الحكومة صارت له مواعيد شبه قارة تتمثل في المجالس الحكومية وما يليها من بلاغات و ندوات صحفية.
يحدث ذلك عبر مطاردة أي خبر يتعلق بالحكومة من أجل التطبيل لمنجزاتها، والتأكيد على أنها نجحت في كسب التحدي في ظروف صعبة عبر تعليقات سطحية وتافهة كتبت بأسلوب متشابه ورديء.
الذباب الالكتروني الذي يجد له تمويلا سخيا يحوم أيضا وبكثافة حول الجلسة الحكومية الشهرية المخصصة لمساءلة رئيس الحكومة، والتي صارت بدورها مناسبة لإغراق الصفحات والمواقع الإخبارية بمائت التعليقات الممجدة للأداء الحكومي عبر حسابات مفبركة.
خبير معلوماتي أكد لميديا90 أن العملية مكلفة، وتتطلب ملايين الدراهم لتمويل جيش الكتروني مكون من طواقم تتولى إغراق مواقع التواصل الاجتماعي عبر “الربوتات” ، وذلك بعد مدها بالتعاليق الجاهزة.
وقال “حاليا يتم الاستعانة بالذكاء الصناعي من أجل توليد آلاف التعليقات التي تطبل للحكومة، وعدد من وزرائها”، قبل أن يختم بالقول أن من “يدفع الفاتورة يملك الكثير من المال السايب بالنظر للكلفة الباهظة، والتأثير المنعدم لتعليقات الذباب الالكتروني على مزاج الرأي العام”.
تعليقات ( 0 )