كشف تقرير مجموعة العمل الموضوعاتية المكلفة بتقييم الخطة الوطنية لإصلاح الإدارة، التي شكلها مجلس النواب، عن الاختلالات والأعطاب التي تعاني منها الإدارة العمومية.
وجاء في التقرير النيابي أنه “وبالرغم من الإجراءات المتعددة والإصلاحات المتعاقبة التي همت الإدارة العمومية طيلة السنوات الماضية، إلا أن هذه الأخيرة عانت من العديد من الأعطاب البنيوية التي لم تستطع كافة الإجراءات والتدخلات التي تم اعتمادها التغلب عليها”.
وتمثل أولى هذه الأعطاب، يضيف التقرير، في حجم التفاوتات بين مختلف جهات المملكة من حيث نسبة توزيع الموظفين، حيث تتركز النسب الأعلى بين المصالح المركزية المتواجدة في الرباط والمصالح الخارجية في نفس الجهة، ثم جهة الدار البيضاء سطات وجهة فاس مكناس فضلا عن جهة مراكش آسفي.
وأشار التقرير إلى أن عدد الموظفين في هذه الجهات الأربع فضلا عن موظفي المصالح المركزية أكثر من نصف العدد الإجمالي للموظفين في كافة جهات المملكة، الأمر الذي يكرس نفس التفاوت المسجل في تقديم الخدمات.
كما نبه التقرير أيضا إلى ما اسماه “نظام وظيفة عمومية كلاسيكي”، موضحا أن هذا النظام عانى من عدة نقائص تزداد حجما وكلفة مع مرور الزمن، حيث اتسم بالضعف في الاعتماد على مبادئ الكفاءة والاستحقاق وتكافؤ الفرص في الولوج إلى الوظيفة العمومية، فضلا عن قصوره في الجانب المتعلق بمنظومة تنقيط الموظف.
وتابع التقرير أن” عددا كبيرا من الموظفين يعتبرون الوظيفة العمومية وسيلة تضمن لهم أجرا قارا دون الاخذ بعين الاعتبار مردوديتهم وإنتاجيتهم، على أساس غياب روح المسؤولية لدى الموظفين مما يؤثر سلبا على أداء الإدارة العمومية ويضعف العلاقة بين الإدارة والمواطن”.
ووفق الوثيقة ذاتها، فإن المنظومة الإدارية تتسم بتضخمها من خلال كثرة القطاعات الوزارية ومصالحها الخارجية بل وحتى المؤسسات العمومية، كما أن الموارد البشرية تعرف بدورها ارتفاعا كبيرا وغير موظفة بشكل يتلاءم مع تكويناتهم أو تجربتهم، مما يجعلهم في غالب الأحيان عبئا على الإدارة بدلا من أن يكونوا آلية من آليات التدبير، وذلك بسبب اعتماد التعيينات على دوافع غير مهنية، ولاسيما الدوافع السياسية والتي تقصي معيار الكفاءة والأهلية المهنية.
ويرى أعضاء المجموعة أن التضخم على مستوى الموظفين يؤدي إلى آثار غير محمودة على مستوى الإنتاج الإداري”، موردا أن تكدس الموظفين في الإدارات والمكاتب من أجل مهمة واحدة ينتج سلوكات سلبية مثل تداخل الاختصاصات وعدم وضوحها والاتكالية بين الموظفين.
وعابت مجموعة العمل الموضوعاتية على واضعي الخطة الوطنية لإصلاح الإدارة، عدم اعتمادهم المقاربة التشاركية بشكل واسع في بلورتها، منتقدة إغفال إشراك بعض المؤسسات الدستورية وهيئات الحكامة من جهة، ومن جهة أخرى اقتصرت على المشاركة الجزئية لبعض المؤسسات الدستورية وهيئات المجتمع المدني لكن في حدود بعض المشاريع فقط.
وانتقدت المجموعة عدم كفاية الآجال الزمنية المبرمجة لتفعيل الخطة الوطنية لإصلاح الإدارة، خصوصا وأنها تزامنت مع فترة جائحة كورونا، ما أبان عن غياب مقاربة للتدبير التوقعي للمخاطر.
كما عابت عليها عدم تطرقها إلى مسألة تبسيط التشريعات وتجاوز ما يمكن أن يشوبها من غموض وتعقيد، والاكتفاء بالإشارة إلى تبسيط المساطر والإجراءات الإدارية، ووجود إشارات غير كافية فيما يخص حاجة تأهيل الموظفين وتكوينهم المستمر، وتشجيعهم على الابتكار؛ وعدم التطرق إلى موضوع إصلاح منظومة الأجور وتفعيل العدالة الأجرية، وإغفال جانب تنفيذ الأحكام في مواجهة الإدارة العمومية؛ وتغييب مسألة إدماج اللغة الأمازيغية في منظومة الوظيفة العمومية.
ولاحظت المجموعة كذلك عدم نشر التقارير الخاصة بالمفتشيات العامة للمالية أو الوزارية للاطلاع على مصير الاعتمادات المرصودة وترسيخ ثقافة الشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة.
كما لفت التقرير إلى محدودية مساهمة صندوق تحديث الإدارة في تمويل العديد من المشاريع الأفقية والقطاعية والتي تتقاطع مع مشاريع الخطة بالإضافة إلى التأخر في إنجاز بعض المشاريع الأخرى.
كما نبه التقرير إلى أن الهوة الأجرية بين موظفي الإدارات العمومية وضعف التحفيزات المخصصة لهم يؤثر بشكل سلبي على تحديث الإدارة وتجويد أدائها.
من جهة أخرى، سجلت خلاصات التقرير عدم فعالية استراتيجية مكافحة الفساد بالإدارة العمومية خاصة البرامج الأساسية كالحصول على المعلومة وتبسيط المساطر ومحاربة تضارب المصالح، لافتة إلى أن الواقع يبين ويوضح ترسيخ ممارسات غير أخلاقية على مستوى بعض الإدارات العمومية؛
تقرير برلماني يتهم الموظفين بالكسل و يحذر من كلفة الفساد

تعليقات ( 0 )