لا تكفيهم ساعات النوم لإعادة اكتساب الوعي بيوم جديد. ليلهم طويل بسبب اشتغالهم بالحياكة ومحاولة ضبط كل أساليبها الممكنة وغير الممكنة. الأمر لا يتعلق بصناعة النسيج ولكن بنسج أكاذيب وترهات وخليط من الشيخوخة والتهييج. الكابرانات يجتهدون كثيرا وولعهم بالرياضة خطير وخصوصا بكرة القدم. عانق شنقريحة كأس شباب يبحث عن مستقبل في ظل حرية لكي يصل إلى أعلى درجات الإبداع. فكانت قبلته المطبوعة على الكأس شرا ووبالا على كل نتائج الفرق الجزائرية التي تضم مواهبا كبيرة ومدربا من طينة جمال بالماضي. ووقف بجانبه سجين المرادية محملقا في رغبة القائد الأعلى للسيطرة على المشهد الرياضي الجزائري. وكم سعدنا بمباريات جميلة للفريق الوطني للجزائر على مر السنين بقيادة ” للماس ومرورا بمادجر ولخضر بلومي وصولا إلى ابن المغربية الحرة وصانع فرجة السيتي رياض محرز.
العسكر الجزائري يريد أن يمضي في طريق صنع أمجاد الكرة في سجن كبير اسمه تندوف. أمر الكابرانات، وحاشا أن القبهم بالجنيرالات، مولودية الجزائر أن تهبط إلى أدنى المستويات وأن تنزل إلى درجه ما تحت الصفر في ممارسة كرة القدم. خجل أبناء المولودية أمام محتجزين وسجناء تندوف. وأقسم الكابران الكبير على أن يلعب منتخب تندوف ضد أعتى الفرق في أمريكا اللاتينية وأفريقيا ولو كلف الأمر ملايين الدولارات.
وتؤكد مصادر، غير موثوق في صدقيتها، أن مدربين من طينة غوارديولا ومورينيو وتشافي قبلوا كل الشروط للانتقال إلى تندوف للسهر على ضمان تأهل منتخبها لكأس أفريقيا بالمغرب ولخوض مباريات كأس العالم المقبلة. ومن فرط الحب لمنتخب تندوف، أقسم الكابران شنقريحة على التفرغ لتشجيعه حتى الرمق الأخير. ومن الحب ما قتل ومن الرغبة في العبث ما زاد في ضعف المثانة وأعطى كل الرخص ليتدفق الماء في كل الاتجاهات.
ومهما كان الأثر باديا على سراويل الآمر الناهي المتواجد في كل مراكز القرار دون أن يسيطر على منسوب تسرب آليات القرار إلى أسفل ركبة ثم إلى حذاء مرورا بجوارب وحفاظات.
غفى للحظة واستمرت الغفوة، فإذا به في الملعب الدولي العالمي في تندوف، وإذا بفريق تندوف يهاجم والفريق البرازيلي يجد عناء كبيرا في صد هجمات فريق يضم عناصر من تندوف ومالي وتشاد وكوبا ومن وهران ومدن أخرى. قرر الكابران الأول أن تفوز تندوف بكأس العالم ورصد لها مليار دولار بموافقة الرئيس الجديد الذي خلف تبون في المرادية. ويستفيق فجأة ليرى أن طبيبه الخاص يحاول مساعدته على تغيير ملابسه الداخلية. يحاول التصدي لهذا الهجوم على المغرض ظنا أنه هجوما من المغرب.
يضطر الطبيب إلى معاملته بليونة لكي يستفيق من حلمه. يخبره بعد جهد كبير أن كأس العالم ومبارياتها انتهت منذ شهور وأن الجار المغربي قد وصل إلى نصف النهاية. ماذا تقول، قال الكابران الأكبر، ومد يديه إلى خزانة على يمين سريره، كان يوجد فيها مسدسه القديم. تفاجأ لخلو خزانته من المسدس وذخيرته وحاول النهوض لتهذيب الطبيب الخائن لكنه سقط مغشيا عليه. استفاق بعد جهود طبية وكان ذلك بعد شهور من غفوته الأولى. سأل الطبيب بكثير من العنف عن بذلته العسكرية، لكن الطبيب أبتسم وقال له بكثير من الاحترام: حمدا لله على رجوعك إلينا بعد هذه الشهور من غيبوبة دامت كثيرا. أنت الآن في مصحة في زيوريخ وقد تأكدنا من اقتراب شفاءك من عقدة الكابران الأكبر وقد استطعنا من اخراجك من أزمة متلازمة أمكالا التي كانت تدفعك إلى الخلط بينها وبين حرب الرمال. وزاد الطبيب من طمأنة الكبران الأكبر على أن الجزائر اليوم يحكمها رئيس لا حكم للعسكر عليه. وأكد له أن غيبوبته أدت إلى تصالح كبير بين القادة الجدد والشعب وأن الحراك السلمي قد رسم الطريق إلى مصالحات تاريخية. وأكد الطبيب أن كل الكابرانات طلبوا الصفح وسلموا كل ممتلكاتهم لخزينة الدولة. وأخبروه أيضا أن كل قاطني تندوف قد غادروها في اتجاه مالي وموريتانيا وجزء قليل منهم قال بصوت عال ” أن الوطن غفور رحيم ” وسكن إلى عشيرته وأهله. سمع الكابران الأكبر هذا الكلام وهام في صمت رهيب وعانق وسادة لكي يرجع إلى حلمه عسى أن تصل بوليساريو إلى كأس العالم في آخر الافية الثالثة.
وفي انتظار المحال لا زال ينفق المال بالملايير على الضلال إلى أن يسقط جهل أصحاب الحال. وهكذا لم يدرك الصباح شهرزاد ولم يسكت الكابران عن الكلام المباح. قالت بأعلى صوتها عند انتشار النور أن ظلمات الثكنات ستبور وأن صبح الحقيقة منصور وأن سلاح الخردة مبتور.
و يحاولون أن يستفيقوا بعطاف بعد سحب جواز لعمامرة ويسخرون خبراء الشتم والقذف بشتى النعوت المنحطة، فلا يجدون حلفاءهم حين كانت الأموال البترولية تتدفق على حاملي تفويضات التصويت. مسلسل الخسران كل لا يتجزأ والأمر يتصل بتاريخ لا مكان للكراغلة فيه. لن ترضى عنكم ريال مدريد أو البارصا أو كل فرق أوروبا. العبوا وافرضوا سيطرتكم على فرق وهران وقسطنطينة والجزائر وتبسة وغيرها ولكن لن تضمنوا حب شعب الجزائر لفرق غير جزائرية. ” وان تو تري فيفا الجيري ” لن تقال لفريق يقدسه الكابرانات على حساب أبناء الشهداء. أما كلام السفهاء فمصيره ظلام قنوات الصرف الصحي. الأصل في الأنساب وجذور العائلات كتابات تاريخية توثقها شجرة الأنساب.
و لكل باحث عن أصل أو عن جذور أن يتوخى الحذر لأن الكلام حين ينتفض عن عواهنه يكشف أسرارا عن مصدر الخبائث. ولأن الأمر متعلق بالاستعمار وممارساته فنسأل مصادر التأريخ. لن اقذف إبن محصنة ولكن أوصيه بالكياسة قراءة تاريخ بلاده. العارفون من كل الجذور يقرون بخيانة عبد القادر لكن ناصروه ويعرفون أن ضيوف وجدة خانوا العهد وقال المراكشي بن بلة أن الإستعمار الفرنسي قدم لهم هدية جغرافية لم يرفضوها. هكذا هي شهامة من نصبوا أنفسهم قادة لصنع تاريخ جديد في الجزائر. كانوا على موعد مع الإفلاس الإقتصادي وفتحوا طريقا لأبناء فرنسا لكي ينهبوا ملايير الغاز والبترول. ولا زال شعب ” الساحقات في الجبال الطاهرات…” ينتظر أن ” تحيا الجزائر “. لكن قوة الكابرانات المدعومة من الشرق وللغرب تؤجل الاستقلال إلى أمد بعيد. ولكن الأهم هو أن يصل منتخب تندوف لكرة القدم إلى نصف نهائي كأس العالم بدل المنتخب الوطني المغربي. النوم الهادئ مستحيل لأن الهدف مستحيل.
تعليقات ( 0 )