دخلت إسرائيل في مأزق سياسي وفوضى حادة اليوم الاثنين، بسبب مشاريع الحكومة اليمينية المتطرفة للإصلاحات القضائية، والتي قوبلت بإضراب عام ومظاهرات عارمة تعرفها مختلف المدن.
ومع تزايد المظاهرات اليوم الإثنين يبدو التحالف الحكومي منقسما بشدة حول الخطوات اللاحقة وما إذا كان سيقرر التراجع أم المضي قدما.
وكان من المتوقع أن يلقي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خطابا صباح اليوم للإعلان عن خطواته المقبلة، حيث توقعت وسائل الإعلام المحلية أن يعلن وقف التشريع المثير للجدل.
غير أن تقارير أفادت بأن التأجيل وراءه تهديد فصيل عوتسما يهوديت الحريدي المتطرف العضو في ائتلافه بأنه سيستقيل من الحكومة، في حال وقف التشريع.
ونشر نتنياهو عبر مواقع التواصل الاجتماعي دعوة للامتناع عن أعمال العنف وذلك بعد ورود أنباء عن وصول نشطاء من اليمين المتطرف إلى المسيرات والمظاهرات بنية الاشتباك مع معارضي الإصلاح.
وأعلنت هذه الجماعات اليمينية، بما في ذلك “ريجافيم” و”إيم تيرتسو” و”تورات ليهيما”، أنها ستنظم مظاهرات مضادة في الساعة 6 مساء الاثنين قرب محكمة العدل العليا ردا على المظاهرات ضد الإصلاح القضائي والائتلاف المنظمة أمام الكنيست.
وقالت في إعلاناتها المنشورة على الإنترنت إن اليمين في “حالة طوارئ ..لن يسرقوا الانتخابات منا”.
ونشر وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير الإعلان على تويتر وكتب فيه “اليوم نتوقف عن الصمت. اليوم هو اليوم الذي يستيقظ فيه اليمين. شاركه إلى الأمام”.
بينما دعا حليفه القومي المتطرف وزير المالية والوزير بوزارة الدفاع بتسلئيل سموتريتش، اليمين إلى الاحتجاج في القدس مساء اليوم، أمام الكنيست لدعم الحكومة، قائلا “لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتوقف الإصلاح القضائي”.
وقال وزير العدل ياريف ليفين، الذي يقود مشروع الإصلاحات القضائية، إنه بصفته عضوا في حزب الليكود الحاكم سيحترم أي قرار يتوصل إليه نتنياهو.
وأضاف في بيان “إن أي وضع يحلو فيه لأي طرف القيام بما يريد، من شأنه أن يؤدي إلى سقوط الحكومة على الفور وانهيار الليكود.. يجب علينا جميعا أن نسعى جاهدين لتحقيق الاستقرار في الحكومة والتحالف”.
وفي بداية مظاهرات اليوم تجمع لغاية الساعة الثالثة بعد زوال اليوم بالتوقيت المحلي نحو 80 الف متظاهر أمام مبنى البرلمان الكنيسيت بالقدس الغربية.
وأفادت تقارير إخبارية بإغلاق آلاف المتظاهرين لتقاطع الطريق الرئيسي الجنوبي بالقرب من يوتفاتا، المؤدي لمدينتي بئر السبع وإيلات، بينما احتشد عشرات الآلاف من المتظاهرين في تل أبيب وحيفا.
وتتزامن هذه المـظاهرات مع الإضراب العام والإغلاق الذي تعرفه البلاد اليوم بدعوة من الاتحاد العام لنقابات العمال “الهستدروت” والذي انضمت اليه قطاعات النقل والموانئ والبنوك والتعليم العالي والتكنلوجيا وكذلك الخدمات البلدية.
وجاء هذا الإعلان بعد ليلة مظاهرات حاشدة استمرت الى ساعات الصباح الأولى من اليوم الإثنين، بمشاركة أزيد من 600 الف شخص في سائر المدن الإسرائيلية رفضا للإصلاحات، وبعد أن أقال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وزير الدفاع يوآف غالانت، القيادي البارز في حزب الليكود، والذي دعا علانية يوم السبت إلى وقف تشريع تلك الإصلاحات.
وخلال مؤتمر صحفي، قال رئيس الهستدروت ، أرنون بار ديفيد، “إنني أدعو رئيس الوزراء لوقف التشريع قبل فوات الأوان”.
وأضاف: “إن إقالة وزير الدفاع الليلة الماضية أشعلت الضوء الأحمر بالنسبة لي… ما نحن ، جمهورية موز؟ ما هذا؟ الليلة الماضية تم تجاوز كل الخطوط الحمراء وأدعو رئيس الوزراء الى إعادة النظر في اقالة وزير الدفاع “.
وأصدر رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، هيرزي هاليفي، مساء الإثنين توجيها إلى جميع جنود الاحتياط والعاملين، دعا فيه للتحلي بالمسؤولية قائلا إن مكان أعمال الاحتجاج هو المجال العام وليس في الجيش.
وأضاف أن إسرائيل “لم تعرف أبد ا مثل هذه الأيام من التهديدات الخارجية المقترنة بعاصفة داخلية”.
وأدخل الإصلاح، الذي يقوده نتنياهو، الذي يحاكم بتهمة الفساد، وحلفاؤه في أكثر حكومة يمينية متطرفة في إسرائيل على الإطلاق، البلاد في واحدة من أسوأ أزماتها الداخلية. وامتدت الاحتجاجات المكثفة والمتواصلة إلى جميع قطاعات المجتمع تقريب ا، بما في ذلك الجيش، حيث خرج جنود الاحتياط علن ا ليقولوا إنهم لن يخدموا بلد ا يتجه نحو الاستبداد.
وعلى مدى الأشهر الثلاثة الماضية تنظم هذه المظاهرات بانتظام تعبيرا عن القلق بشأن ما تعتبره المعارضة انحدارا نحو الاستبداد وتدميرا لنظام فصل السلط.
ويوم الخميس الماضي أقر البرلمان الإسرائيلي الكنيست قانونا يمنع المدعي العام فعليا من إعلان رئيس الوزراء غير لائق لشغل المنصب، وهو الجزء الأول من هذه الاصلاحات القضائية المثيرة للجدل.
وبموجب هذا القانون، أصبحت هناك طريقتان فقط لإعلان أن رئيس الوزراء غير لائق للمنصب الأولى هو إعلان رئيس الوزراء نفسه أنه غير لائق جسدي ا أو عقلي ا لأداء دوره، والثانية إعلان الحكومة عدم أهليته بسبب مشاكل صحية يدعمها ثلاثة أرباع الوزراء أو ثلثا أعضاء الكنيست.
وتنظر المعارضة الى هذا القانون على أنه صمم خصيصا لتحصين بنيامين نتنياهو الذي يحاكم أمام محكمة في القدس.
ويواجه نتنياهو تهما بالاحتيال وخيانة الأمانة وقبول رشاوى في ثلاث قضايا منفصلة تشمل شركاء أثرياء ورجال إعلام ذوي نفوذ.
غير أن نتنياهو ينفي ارتكاب أي مخالفة ويقول إنه ضحية مؤامرة .
وبالتالي يمنع التعديل الجديد المدعية العامة باهراف-ميارا من الإعلان أن نتنياهو غير أهل لتولي المنصب إذا اعتقدت أنه يحاول وقف محاكماته.
كما ينص التعديل على أن المحكمة العليا لا يمكنها النظر في التماس يطالب بالإعلان عن التعذر أو المصادقة عليه، رغم أن النائبة العامة، أعربت عن معارضتها لمنع المحكمة من القيام برقابة قضائية، والتعبير عن موقفها القانوني في هذا الشأن.
وبحسب وسائل الإعلام المحلية يمنع القانون إعلان عدم أهلية نتنياهو للمنصب حتى لو خالف اتفاقية تضارب المصالح التي وقعها في عام 2020 ووافقت عليها المحكمة العليا وتنص على أنه يجب (على نتنياهو) ”تجنب أي تدخل في الأمور المتعلقة بأنشطة لجنة التعيينات القضائية وفي جميع الأمور المتعلقة بقضاة المحكمة العليا والمحكمة المركزية في القدس” لأنه يواجه المحاكمة بتهم جنائية.
ومن المفترض اليوم الإثنين أن يصادق الكنيست على مشروع قانون يمنح الائتلاف أغلبية في لجنة اختيار القضاة، وهي خطوة أخرى ينظر إليها من قبل كثيرين على أنها اعتداء على صلاحيات المحاكم، وسيطرة سياسية عليها بما أن الحكومة سيكون لها الكلمة الفصل في جميع التعيينات القضائية.
ووافقت لجنة برلمانية على هذا التشريع اليوم الاثنين قبل عرضه للتصويت النهائي.
ومن بين التشريعات الأخرى التي ستطرحها الحكومة خلال هذا الأسبوع الحاسم قبل عطلة الكنيسيت بمناسبة عيد الفصح في 2 أبريل قانون يمنح البرلمان سلطة إلغاء قرارات المحكمة العليا والحد من المراجعة القضائية للقوانين.
تعليقات ( 0 )