إنهم يكذبون على الملك أمام الشعب

 

موجة السخرية التي أعقبت عمليات التجميل السريعة بالجير والصباغة التي خضعت لها مدينة سلا بداية الأسبوع استعدادا لنشاط ملكي هي رسالة واضحة للمسؤولين في السلطة، والمنتخبين الذين يتباكون دون حياء على فقدانهم لثقة المواطن، واستمرار “تبخيس دور المؤسسات”.

هؤلاء عليهم قبل ذلك أن يغيروا العقليات القديمة، وأن يكفوا عن استفزاز المغاربة بمثل هذه الممارسات الاحتيالية التي تزور واقع أحياء ومدن بأكملها، من خلال الاستعانة بأطنان من الزفت لإخفاء حفر بعمر الأطفال، وزرع النخيل والورود، والعشب الصناعي، وترحيل المختلين، والمتسولين، وطرد الروائح الكريهة في كل مرة يعلن فيها عن استقبال شخصية أجنبية مهمة،أو زيارة ملكية.

التعبئة وحالة الاستنفار التي أصبحت مؤشرا لدى المواطن على قرب نشاط أو تدشين ملكي، كانت ولا تزال محط انتقاد وسخط واسع، لأن الأمر يتجاوز في بعض الأحيان وضع كميات من الجير على الواجهات المتسخة إلى صرف مبالغ مالية جد مهمة في “روتوشات” مكلفة.

ترقيعات ينتهي مفعولها بعد 24 ساعة فقط، وهو ما ينطوي على هدر خطير، وتبديد للمال العام، لكن ذلك لا يهم في نظر السلطة والمنتخبين الذين يقضون في ذلك ليال بيضاء،لأن الأهم هو أن يبدو كل شيء جميلا للملك، ولو كان مزيفا.

واضح إذن أن المشكل ليس مرتبطا بالموارد المالية والمعدات التي يتطلبها إصلاح الحفر ومعالجة اعطاب الإنارة والنفايات والاهتمام بالفضاءات الخضراء، بل بغياب المحاسبة  وحس المسؤولية، التي تجعل معظم المجالس الجماعية منشغلة فقط بالبحث عن “الهموز”  و”مرق الصفقات الفاسدة”، والصراعات الفارغة.

المسؤولية تقع أيضا على عاتق عدد من الولاة والعمال الذين لا يغادرون مكاتبهم إلا لحضور الأنشطة الرسمية في الوقت الذي تغرق فيه مدن بأكملها في مظاهر الفوضى والبداوة والتسيب ويعاني فيه المواطن من سوط الغلاء .

استرجاع ثقة المغاربة يفترض التحلي بالحد الأدنى من المعقول، والكف عن الاستهانة بذكائهم “راه كلشي عاق بيكم”.

 

كلمات دلالية
شارك المقال
  • تم النسخ

تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

المقال التالي