تحولت الانتقادات الحقوقية الموجهة للتقرير الذي أصدره المجلس الأعلى للحسابات لمحاكمة علنية لأداء زينب العدوي رئيسة المجلس، بعد التعهدات التي قطعتها مباشرة بعد تعيينها في المنصب من طرف الملك.
سقف الانتقادات تجاوز إهدار، وتبديد المال العام في تقارير لا نفع منها، إلى إتهام المجلس بالتطبيع مع الفساد، وتوفير الحماية للمتورطين فيه وفق محمد الغلوسي رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام بالمغرب.
وكانت زينب العدوي، الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات قد قالت قبل سنتين أن المحاكم المالية مقبلة على عملية إعادة هيكلة لتمكينها من ممارسة كافة صلاحياتها الدستورية وذلك بعد الانتقادات الكثيرة التي لاحقت أداء هذه الأخيرة في ظل تفاقم مؤشرات الفساد، وتنامي جرائم الأموال.
جاء ذلك ضمن بلاغ للمجلس الأعلى للحسابات كشف أن العدوي أحالت خلال سلسلة اجتماعات عقدتها مع مختلف مكونات المجلس على التوجيهات الملكية التي دعت للحرص على قيام هذه المؤسسة بمهامها الدستورية “لاسيما في ممارسة الرقابة العليا على المالية العمومية، وفي مجال تدعيم وحماية مبادئ وقيم الحكامة الجيدة والشفافية والمحاسبة”.
كما تعهدت العدوي بإعداد مخطط استراتيجي للمرحلة القادمة، يحدد الأهداف المتوخاة والتغييرات الهيكلية الضرورية للرفع من أداء المحاكم المالية وتمكينها من القيام بالمهام المنوطة بها في أحسن الظروف، والإسهام في تعزيز الشفافية في القطاع العام وتكريس مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.
أهداف اتضح أنها بقيت مجرد نوايا علما أن الملك شدد على ضرورة إعادة الروح للمجلس الأعلى للحسابات.
وسبق للمجلس أن واجه انتقادات شديدة اللهجة حول “هزالة القرارات الزجرية المتعلقة بالتأديب المالي، وب”قلة الملفات التي تتم إحالتها والتي تتضمن أفعالا تستوجب عقوبات جنائية “، خاصة بعد الغرامات الناعمة التي صدرت في حق بعض المتابعين في ملف البرنامج الاستعجالي.
خارطة الطريق الجديدة لعمل المحاكم المالية والتي تنجح العدوي في قطف أي ثمار منها او تنزيل خطوطها العريضة تفسر توالي الملاحظات الكثيرة التي طالت محدودية ادوار المهام الرقابية في التصدي لملفات الفساد، وسوء تدبير وتبديد المال العام.
واقع جعل عمل المجلس وفق عدد من الفعاليات الحقوقية يتحول في ظل عدم تحريك المتابعات ذات الطابع الجنائي إلى مجرد تقارير للاستئناس، والاستهلاك الإعلامي، وهو الأمر الذي اشتكى منه الرئيس الأسبق للمجلس ادريس جطو الذي انتقد في أكثر من مناسبة عدم تفاعل الجهات المعنية مع تقاريره.
وكانت عدد من الأصوات قد انتقدت أداء المجلس والمحاكم المالية وقالت أن التقارير الصادرة عن قضاة المجلس يتم التعامل معها كتقييم عابر للسياسات العمومية، عوض تحقيق مفعولها الرقابي، الأمر الذي يفسر استمرار نفس الخروقات والتجاوزات.
تعليقات ( 0 )