المغرب:الكفاءات العليا تهرب من الوظيفة العمومية بسبب أعطاب الترقية والأجور

 

أكد المجلس الاقتصاد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، إن الرأسمال البشري الحالي المتواجد في الوسط المهني “تشوبه مجموعة من النواقص فيما يتعلق بالتأهيل والتكوين والتخصـص والقـدرة على الابتكار. كما أنه لا يسـاهم على النحو الأمثل في النمو الاقتصادي للمغـرب وتعزيز تنافسيته.

ورصد المجلس في رأي أعده في إطار إحالة ذاتية، تحت عنوان “تثمين الرأسمال‭ ‬البشري‭ ‬بالمغرب‭ ‬في‭ ‬الوسط‭ ‬المهني”،  “ضعف قدرة الاقتصاد الوطني على استيعاب الساكنة في سن الشغل، مورد أن “الضعف يكاد يكون هيكليا بالرغم من عدة سياسات تستهدف الرفع من مناصب الشـغل سواء منها السياسات النشيطة للتشغيل أو السياسات القطاعية، والتي تسجل غياب تقييم الأثر على التشغيل وجودته”.

ووفق الأرقام الواردة في الرأي، فقد بلغ  المعدل السنوي لاسـتحداث مناصب الشغل 112 ألف منصبا بين سـنتي 2001 و2019 ، في حين تزايد عدد الشباب الذين بلغوا سن الشغل )15 سـنة وأكثـر( بمعـدل 374 ألف شـخص سـنويا، خلال  الفتـرة نفسها.

كما سجل المجلس أيضا “ضعف إنتاجية العمل على الصعيد الوطني”، عازيا الأمر إلى غياب انتقالية اليد العاملة من القطاعات ذات القيمة المضافة الضعيفة نحو القطاعات ذات القيمة

المضافة العاليـة، حيث أوضح أن القطاعات الخدماتية التي تفوق حصتهـا 50 في المائة من الناتج الداخلي الخام سـجلت أدنى وتيرة لإنتاجية العمل، تقدر ب 1.3 في المائة في حين، سـجل القطاع الفلاحي  أعلى وتيرة تقدر ب4.8 في المائة.

وتطرق المجلس إلى غياب مناخ عمل تحفيزي للرأسمال البشري داخل الوظيفة العمومية، وقال إنه

“بالرغم من الارتفاع النسبي لمتوسط الأجر الشهري في الوظيفة العمومية فإنها لا تتمكن من استقطاب الكفاءات العليا والاحتفاظ بها مقارنة مع القطاع الخاص، وذلك بسبب سياسة أجرية شبه جامدة لا تواكب العرض والطلب في سوق الشغل، وتعتمد بشكل كبير على نظام ترقية قائم على سنوات الأقدمية ولا يعترف بالمهارات والخبرات المتراكمة للموظف ومن جهة أخرى، تخلق منظومة الأجور التباين بين الأجور، حيث يضاعف الحد الأقصى من الأجور 21 مرة الحد الأدنى منها”.

وتابع بأن “الوظيفة العمومية تشوبها نقائص تحول دون توفير ظروف العمل المحفزة على الإنتاجية والابداع بالمقارنة مع الوظيفة العمومية في دول رائدة ككوريا الجنوبية وكندا وفرنسا ” .

كما لفت المجلس في رأيه إلى غياب ما أسماه “مبدأ التناوب في شغل مناصب المسؤولية”، معتبرا أن هذا الغياب يقلص بحدة من فرص الارتقاء الوظيفي.

وفي مجال الصحة والسلامة في العمل، نبه المجلس إلى أن الإطار التشريعي في هذا المجال يبقى متجاوزا وغير كاف، مشيرا إلى أن القطاع الحكومي المكلف بإصلاح الإدارة يعكف منذ سنوات على إعداد مشروعي قانونين، يتعلق الأول بالصحة والسلامة المهنية في الوظيفة العمومية والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية، والثاني بالأمراض والحوادث التي يتعرض لها المنخرطون في نظام المعاشات المدنية.

ويرى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أن طموح المغرب في أن يصبح بلدا صاعدا وتنافسيا ويعزز مكانته في سلاسل قيمة ذات القيمة المضافة العالية على الصعيد العالمي، ويضمن تموقعه على المستوى الإقليمي، ويحافظ على ريادته على الصعيد الإفريقي، وينجح فى انتقاله الأخضر والرقمي “يتطلب مواكبة وتأهيل الرأسمال البشري حتى يرقى بمستوى مهاراته وكفاءاته وقدرته على الابداع وقابليته للتلاؤم مـع متطلبات سوق الشغل، والتكيف مـع سرعة التغيرات المطردة.

وفي هذا الصدد، دعا المجلس إلى وضع منظومة متكاملة لتطوير الكفاءات والتعلم مدى الحياة تمنح للأفراد إمكانية استدراك مسارهم التعليمي الأساسي واكتساب مهارات وكفاءات جديدة في تخصصات واعدة وتجديد رصيدهم المعرفي والمهني والانخراط في مسلسل التطوير والابتكار”.

واعتبارا للدور الذي يلعبه التكوين المستمر كرافعة رئيسية للتعلم واكتساب المؤهلات وتثمين الرأسمال البشري في وضعية العمل، أوصى المجلس بإجراء إصلاح شامل لمنظومة التكوين المستمر تعزز ثقافة التعلم لدى المشغل وتحمي حق الأجير والموظف في الولوج إلى هذا النوع من التكوين، مع تفعيل مقتضيات القانون 60.17 المتعلق بالتكوين المستمر، لا سيما فيما يخص تمكين الأجراء من الاستفادة من التكوين بمبادرة شخصية، فضلا عن مراجعة مساطر اعتماد مكاتب الاستشارة في التكوين المستمر بما يضمن فعالية وجودة التكوينات المقترحة.

المجلس ، دعا أيضا إلى توحيد المنهجية في تدبير الموارد البشرية في القطاع العام بشأن ظروف التوظيف والترقية وسياسة الأجور، وذلك من أجل ضمان تكافؤ فرص الولوج للقطاع العام تدبير المسارات المهنية للموظفين.

من جانب آخر، دعا المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إلى مراجعة شاملة وعميقة لمنظومة الوظيفة العمومية من أجل تقريب الأنظمة الأساسية فيما بينها وتقليص الهوة بين القطاعات العمومية مع مراعاة الاكراهات والخصوصيات التي يكتسيها كل قطاع.

كما طالب بتحيين التشريع الاجتماعي وملاءمته مع المبادئ التي أقرها الدستور الجديد ومع الالتزامات الدولية للمغرب، وضمان احترام القواعد والالتزامات التي تقرها عبر توسيع صلاحيات مفتشي الشغل ومراقبي الضمان الاجتماعي وتعزيز إمكانياتهم، لا سيما فيما يخص التصريح في الأنظمة الإجبارية للحماية الاجتماعية واحترام شروط العمل الليلي، وساعات العمل والعطلة الأسبوعية، والعطل السنوية، والصحة والسلامة في العمل مع التركيز على المجالات التي تسجل نسب مرتفعة من العمل غير المنظم.
وأكد المجلس على ضرورة تعزيز وقاية العمال والعاملات من مختلف أنواع العنف والتحرش التي يتعرضون لها أثناء قيامهم بمهامهم، لاسيما العنف والتحرش والاستغلال الجنسي والتحرش المعنوي والمصادقة على الاتفاقية 190 لمنظمة العمل الدولية الخاصة بشأن القضاء على العنف والتحرش في أماكن العمل .

شارك المقال
  • تم النسخ

تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

المقال التالي