“كازانيغرا”

رغم كل الملايير التي صرفت عليها،والوجوه الكثيرة التي تعاقبت على تسييرها سلطة ومنتخبين، إلا أن زيارة عابرة لمدينة الدار البيضاء تجعلك تخرج بقناعة راسخة مفادها أن المدينة تحولت إلى “ميتروبول” للفوضى،وإلى لوحة حية،رسمت بصباغة عفنة لتعكس جميع الاختلالات التي يغرق فيها المغرب.
هذه المدينة الغول التي كان الرهان هو أن تصبح قطبا ماليا،وأن تكون رئة اقتصادية تعكس الوجه المشرق للمغرب، أصبحت حاليا مؤشرا صريحا على أننا نسير خطوة إلى الأمام، وخطوتين إلى الوراء، بعد أن استفحلت مظاهر البداوة، وتفشت الجريمة بجميع تعاريفها، وأصبح احتلال الملك العام حقا مكتسبا في مدينة تفيض بالنفايات، وتغرق في فوضى النقل، والأوراش الترقيعية، وفي مختلف أشكال التلوث السمعي والبصري والبشري.
“كازا” المدينة التي خلق مؤتمر “آنفا”، وفيلم سينمائي رومانسي شهرتها العالمية، أصبحت اليوم تخنق سكانها، قبل زوارها بعد أن فرط المسؤولون في ملامح جمالها، وتعمدوا تكريس القبح، وزع البشاعة في كل مكان.

والنتيجة أن المدينة استهلكت مئات الملايير تحت غطاء التأهيل، لنحصل في النهاية على عمليات تجميل فاشلة، لم تنجح في إخفاء البؤس الذي صار يحتل معظم أحياء المدينة،هذا إذا ما استثنينا طبعا تلك القلاع الجميلة المخصصة للعالم المخملي.
لقد سبق للملك أن وجه انتقادات صريحة ومباشرة لمنتخبي المدينة.

وكان المتوقع أن تكون تلك بداية لتصحيح الوضع.

لكن الواقع اليوم يكشف أن الدار البيضاء ورغم كل الوعود والمشاريع والأموال التي بددت، لازالت تغرق يوما بعد يوم.

هذا في الوقت الذي يكتفي فيه المسؤولون والمنتخبون بصفقات تحت الطاولة،و بزرع أوراش الترقيع والزفت كالفطر.

ليس بنية الإصلاح طبعا.

بل لتكريس الانطباع بوجوده فقط، وهو ما يفسر لنا كيف بقي هؤلاء مدمنين على عادتهم المقيتة في تسخير مئات الأعوان، ومدهم بالصباغة والجير لإخفاء الندوب والعيوب البشعة استباقا لكل زيارة ملكية.

شارك المقال
  • تم النسخ

تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

المقال التالي