“زيد الشحمة فظهر المعلوف”.. هو المثل الذي ينطبق على ما قامت الوكالة الوطنية لتربية الأحياء البحرية، التي استكثرت الدعم على مهنيي الصيد بمنطقة الشمال بصفة عامة، ومدينة طنجة بصفة خاصة، ومنحته بسخاء لشركة أجنبية أغدقت عليها أزيد من خمسة ملايير سنتيم، دون طلب عروض مسبق.
تقديم الوكالة لهذا الدعم لشركة أجنبية استثمرت في مشروع لتفقيس الأسماك ضواحي مدينة طنجة، فجر غضب المهنيين بالمنطقة الذين اعتبروا الخطوة تمييزا لصالح مستثمر أجنبي في مواجهة باقي المقاولات العاملة في المجال، والتي كان بإمكانها أن تنافس لنيل هذا الدعم العمومي الذي فازت به شركة “أكّريكّو” الإسرائيلية.
المصادر ذاتها انتقدت بشدة إعلان الوكالة المفاجئ دعمها لهذه الشركة خلال معرض “أليوتيس”، المنظم بمدينة أكادير مطلع شهر فبراير الجاري، دون أن تسلك لأجل ذلك المساطر القانونية المعتادة، حيث تم التوقيع على الاتفاقية بحضور وزير الفلاحة والصيد البحري محمد الصديقي ومدير الشركة المعنية دون أن يتم الإخبار بالعرض من قبل.
وقدم المهنيون المقصيون من التنافس على مشروع “تاهدارت” بطنجة أمثلة لمشاريع سابقة دعمتها الوكالة الوطنية لتربية الأحياء البحرية، احترمت فيها مسطرة طلب العروض التي تسبق عملية اختيار المشروع الفائز بالصفقة المتبارى عليها، حيث تم، على سبيل المثال، في 4 أبريل من السنة الماضية فتح عرض لتربية الأحياء البحرية على مساحة 3985 هكتار موزعة على 197 وحدة إنتاجية تهم كل من جهة الدار البيضاء-سطات وجهة مراكش-آسفي وجهة كلميم-واد نون (إقليم طانطان) وجهة العيون-الساقية الحمراء، وذلك في إطار مخططاتهما الجهوية لتهيئة تربية الأحياء البحرية المعتمدة مؤخرا.
من جهة أخرى، تم في الفترة الممتدة من 6 يونيو إلى 7 نونبر 2022، إطلاق دعوتين لإبداء الاهتمام بتطوير مشاريع زراعة الطحالب البحرية في بحيرة مارشيكا، يتعلق الأول بـ 24 وحدة انتاجية تبلغ مساحة كل واحدة منها 16 هكتارا، موجهة للمستثمرين المحليين والأجانب، فيما خصص العرض الثاني للشباب حاملي المشاريع المنحدرين من جهة الشرق وكذا تعاونيات الصيادين العاملين في بحيرة مارشيكا، ويهم 05 وحدات إنتاجية تبلغ مساحة كل واحدة منها أيضا 16 هكتارا.
غير أن الوكالة تنكرت لعادتها هذه المرة عندما تعلق الأمر بمشروع تفقيس الأسماك ضواحي طنجة، واستثنت هذه الوحدة الإنتاجية من مسطرة طلب العروض التي اعتادت سلكها كلما رأت الحاجة لمشاريع جديدة تفيد القطاع وتقدم له الإضافة، حيث استفادت هذه الشركة من بقعة أرضية شاسعة بدعم من المركز الجهوي للاستثمار بطنجة، يضاف إليها دعم مادي سخي بلغ، وفق ذات المصادر، 50 مليون درهم.
وقد أعرب المستثمرون العاملون في قطاع الصيد البحري بجهة الشمال لسنوات طويلة عن استغرابهم الشديد لتمرير صفقة مهمة من هذا الحجم في الظلام، وفق توصيفهم، دون منح الفرصة لكل الشركات المعنية للتنافس حولها بكل شفافية مادام هدف الوكالة هو توفير حاجات القطاع من هذه الخدمة واختيار أجود العروض دون تمييز مسبق بينها، داعين وزارة الصيد البحري للعمل على تقويم هذا الاعوجاج الصارخ، حسب وصفهم، في عمل الوكالة الوطنية لتربية الأحياء البحرية التي تأسست قبل عشر سنوات وحصلت على استقلالها المادي مؤخرا للإسهام بشكل مباشر ومستدام في تنمية القطاع.
تعليقات ( 0 )