يكفي أن نطالع النهايات الغرائبية التي آلت إليها أهم المحاكمات المرتبطة باستغلال النفوذ، واختلاس،وتبديد المال العام، في تاريخ المغرب، لنخرج بقناعة بأن الفساد الذي ينكره بعض وزراء هده الحكومة، سامحهم الله، متغول لدرجة مخيفة يعكسها الوضع الصعب الذي نتجه إليه يوما بعد يوم.
وضع يفسر لنا كيف استطاعت صفحة على “الفايسبوك” بإسم له دلالة شعبية لا تحتاج لتفسير، “الفرشة”، أن تجلب انتباه المغاربة، و أن تتحول إلى سطح علني لنشر غسيل الفضائح التي صارت عبارة عن بحر بدون ساحل بهذا البلد السعيد.
طبيعي أن يحدث هذا في بلد يدان فيه سائق طاكسي بستة أشهر ، بسرعة البرق، بتهمة النصب على سائح بريطاني.
في حين يواصل المتورطون في نهب الملايير، ومصادرة أجيال بأكملها تسلق المناصب وتوريثها للأبناء، واحتكار الثروة، وتفريخ جيل جديد من الفساد والريع دون أن تمتد لهم يد المحاسبة ودون “فرشة”.
في الماضي القريب كانت بعض القضايا تجد طريقها للمحاكم، ولا يهم بعد ذلك أن تستغرق عقدين من الزمن لتصدر أحكام البراءة و السجن الموقوف، أو يتكفل عزرائيل بمتهمين ظلوا في حالة سراح رغم المجازر التي ارتكبوها في حق أموال المغاربة.
اليوم الموضة الجديدة هي إحداث لجن بحث، أو مهمات استطلاعية.
مهمات صارت تنبت كالفطر لتفتح باب ملفات فساد خطير، دون أن تلد لنا في نهاية المطاف أي نتيجة، هذا إن سلمت من “قطاع الطرق” الذين جعلوا بعض المهام ترقد في ثلاجة مجلس النواب لسنوات.
النموذج هو المهمة الاستطلاعية المكلفة بملف الدقيق المدعم، و التي عادت لنقطة الصفر ، رغم أن الأمر يتعلق وفق الحكومة ب”فساد كبير” كان يفترض التعجيل بكشف المتورطين فيه.
الأمر يسري أيضا على لائحة طويلة من المهام التي تحاكي السلحفاة في وتيرة عملها ومنها المهمة الاستطلاعية حول الأبناك.
واقع قد يكون مرتبطا بسفراء الفساد الموجودين داخل المؤسسة التشريعية، لكن الأكيد أن الأمر يبقى مجرد محاولة لرفع الحرج، وتنفيس طنجرة الفساد من خلال التسويق لهذه المهام إعلاميا أمام الرأي العام، و بالتالي ربح الوقت.
عمليا المصير الذي آلت إليه المهمة الاستطلاعية حول المحروقات يقدم لنا صورة مكتملة حول أقصى ما يمكن الوصول إليه، بعد أن عاينا كيف تم الالتفاف حول الفضائح والمعطيات الخطيرة التي تم رصدها، وكيف عاد الملف إلى نقطة الصفر رغم دخول مجلس المنافسة على الخط.
حدث هذا بعد أن دفنت الحكومة رأسها في الرمل، وصمت الجميع، بمن فيهم نواب شربوا حليب السباع قبل أن يبلعوا لسانهم بشكل مفاجئ.
هو أمر ليس بغريب في بلد حارب وزير عدله بكل شراسة قانونا لتجريم “الإثراء غير المشروع” ،قبل أن يصبح عنونا لأكبر “فرشة” في التاريخ بعد نتائج مباراة المحاماة.
سير على الله
تعليقات ( 0 )