غرقوها كريدي.. و “وحلوها فينا”

 من جديد يتأكد أن التقارير الرقابية التي يصدرها المجلس الأعلى للحسابات أصبحت بدون جدوى، رغم أنها إعدادها يتطلب جهدا محترما ومالا كثيرا.

 كما يتضح أن التحذيرات التي تصدر تباعا عن الجهات الرسمية بشأن خطر الديون على مستقبل المغرب والمغاربة أصبحت مجرد صيحة في واد.

 المكتب الوطني للماء والكهرباء، ورغم أنه يوجد على رأس القائمة السوداء كمؤسسة تراكم ديونا فلكية، وتواجه وضعا ماليا حرجا، مد يده من جديد ليتسلم قرضا بقيمة 70 مليون اورو أي أزيد من 70 مليار سنتيم بموافقة من السي اخنوش.

 حدث ذلك  في تجاهل صريح لتقرير المجلس الأعلى للحسابات الذي دعا بعبارة صريحة لتوخي الحذر، وقال أن الغرق في المزيد الديون  قد يجرفنا إلى الأسوأ، بعد أن أصبحت الدولة  تتكلف بضمان العبث المالي الذي يمارسه بعض مديري المؤسسات العمومية.

 نفس التحذير سمعناه سلفا من والي بنك المغرب الذي لم نعد نرى لناقوسه أثرا بشأن خطر الديون منذ الزيارة التي قام بها مسؤولو صندوق النقد الدولي.

 لقد كان وزير المالية السابق محمد بوسعيد أكثر جرأة من الجميع حين دعا للقطع مع منطق “الجزر المعزولة”، و الضيعات الذي تدبر به مؤسسات بميزانيات ضخمة، لكنها  تجر ورائها ديونا توازي نسبة مخيفة من الناتج الخام ،وذلك حين قال ” نتوما غرقوها ديون ووحلوها فينا لأداءها”.

 للأسف يوما بعد يوم يتأكد أن مدراء عدد من المؤسسات العمومية “المترنحة” يملكون نفوذا يفوق قدرة بعض الوزارء.

  لقد سبق لمكتب الكهرماء أن استفاد من ملايير الدولة لإنعاشه بعد أن وصل إلى السكتة القلبية من الناحية المالية.

 كما استفاد ذات المكتب من أموال المغاربة الذين صاروا ملزمين بالمساهمة لإنقاذه، مع تحمل فواتيره نهاية كل شهر.

 هذا  دون أن يشعر هذا الأخير بالحرج، والنتيجة أنه يواصل الإعلان عن ديون جديدة، و صفقات دسمة تحول بعضها إلى فضائح طرقت أبواب القضاء.

 مسلسل الاقتراض والاستدانة الذي غرق فيه المكتب لازال متواصلا رغم التحذيرات التي صدرت عن مؤسسات رسمية، وطنية، وتقارير هيئات دولية نبهت إلى أن اللجوء إلى الحلول السهلة لمواجهة  عجز الدولة المتراكم في عدد من المجالات ستكون لها كلفة باهظة.

هذا في وقت نسمع فيه وبشكل شبه أسبوعي عن قروض خارجية جديدة بمئات ملايين الدولارات في انتظار  ديون أخرى  لتنزيل النموذج التنموي الجديد.

الغريب أن هذا التهافت على مد اليد لمزيد من القروض ليس حكرا على الحكومة، بل يطال أيضا عددا من المؤسسات العمومية التي لها سمعة سيئة في مجال “الكريدي”.
مؤسسات  سبق للمجلس الأعلى للحسابات أن نبه لإفراطها في الدين، دون أن ينجح  في إقناع المسؤولين عنها بالإقلاع عن عادتهم الخطيرة، وعلى رأسها المكتب الوطني  للماء والكهرباء  ومكتب السكك الحديدية.

  ولكي نفهم هذا الإدمان يكفي أن نعود لتصريحات وزير الحكامة السابق  والتي كشف فيها أن الحكومات تتعامل مع “كريدي” البنك الدولي مثل عسل لذيذ ورخيص، يتعين أن نخزن الكثير منه قبل انتهائه.

الداودي قال في حوار صحفي “نحن نريد نقود البنك الدولي، لأنها أرخص سلف في العالم، حيث لا تتجاوز نسبتها 1.75 في المائة”، وأضاف “أنا ما كرهتش يعطينا 3 ملايير دولار”؟؟؟

 

شارك المقال
  • تم النسخ

تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

المقال التالي