عرضت الحكومة وسط كثير من التطيبل والاستعراض و”الطنز” زيادة مخجلة ومستفزة في الأجور تتراوح ما بين 27 درهما و187درهما، وهي زيادة يمكن أن نتقلبها لو كنا في الستينيات من القرن الماضي.
حجم هذه الزيادة مخجل للحكومة،قبل المغاربة.
لا يتعلق الأمر بزيادة بل بصدقة من مالنا.
صدقة بالكاد تكفي لشراء علبة “حفاظات” طفل، في زمن تجاوز فيه سعر بعض مقررات السلك الابتدائي 300 درهم، ورغم ذلك فإن الحكومة تحاول استغلال إطلاق سراح هذا الفتات، لتعيد علينا نفس اسطوانتها المشروخة التي أثارت سخرية المغاربة قبل سخطهم ،من أن هذه الزيادة جاءت لدعم ” القدرة الشرائية،”
من جديد نقول أن التاريخ لن يسامح النقابات التي تواطئت في كل مرة لتمريرصفقات تحت عنوان ” الحوار الاجتماعي”.
يكفي أن نحيل هنا على الخطاب الذي نبه فيه الملك لعدم “القدرة على تلبية الحاجيات المتزايدة لفئة من المواطنين، و الحد من الفوارق الاجتماعية، و التفاوتات المجالية”، وتحسين ظروف عيش المغاربة، وأساسا تعزيز الطبقة المتوسطة التي تسعى الحكومة لاستنزافها بكل الوسائل لسد عجز الميزانية.
لا ندري فعلا إذا كان رئيس الحكومة يتابع كيف يتحول المغرب يوما بعد يوم إلى مهرجان للإضرابات والاحتجاجات والمسيرات والسخط الشعبي.
يحدث هذا في الوقت الذي تواصل فيه الحكومة والنقابات مهمة تبادل الأدوار في مسرحية الحوار الاجتماعي الذي بات حجم الأمل المعقود عليه ضئيلا للغاية، أمام عمق الأزمة التي يترجمها الأفق المسدود الذي وصلنا إليه في عدة مجالات.
لقد كان مطلوبا من الحكومة أن ترفع الإيقاع بعد أن نبهت أعلى سلطة بالبلاد لضرورة التعجيل بتجاوز التأخر الحاصل في القطاعات الاجتماعية، وتدارك النواقص المسجلة والتفاعل مع حاجيات ومتطلبات المواطنين وخاصة فئة الشباب، لكن ما نعاينه أن الحكومة تقف منتشية أمام تفشي الغلاء و تغول الفساد وتفاقم الركود والتضخم.
اليوم أيضا بدا واضحا عجز الحكومة عن تقديم بدائل حقيقية في مجال التشغيل بعد فقاعة مليوني فرصة شغل لتأتي المبادرة من الملك.
كما عجزت عن تقديم عرض اجتماعي كفيل بإخراج البلد والمغاربة من حالة الاختناق التي صرنا نتقاسمها جميعا.
واقع يؤكد أننا نسير بدون بوصلة فيما يتعلق بخطة التنمية المستدامة لسنة2030 ، كما يؤكد أن اخنوش وفريقه الحكومي يعانيان من كساد، وركود في العرض، لا يتناسب إطلاقا مع حجم الطلب المتزايد للشارع، لذا ارتأت الحكومة إعادة تدوير بعض الالتزامات المؤجلة، لملأ الفراغ.
هذا العرض السخيف من الحكومة كما لنقبله لو أنها تمكنت من فرض خطة واضحة النوايا،والأهداف، لإصلاح التعليم والصحة،أو تمكنت من القطع مع الريع،أو تقليص حجم الفساد المستشري ولو بنسبة 20 في المائة.
هي نسبة ستكون كافية لجعل المغاربة يلمسون تغييرا كبيرا،وواقعيا في حياتهم،أما صدقة 187 درهم التي تهلل بها الحكومة،فبالكاد تكفي لأصحاب “الباركينغ”.
تعليقات ( 0 )