مع مرور الأيام، تأكد المغاربة بأن الصفقة التي أبرمتها حكومة بنكيران مع شركات المحروقات، مقابل الاستغناء الكلي عن خدمات شركة “لاسامير” للتكرير، كان لها وقع كارثي ليس فقط على جيوب المغاربة، لكن أيضا على الميزان التجاري للدولة، بعدما أصبح المغرب يعول بشكل الكامل على الخارج من أجل اقتناء مختلف أنواع المحروقات وإعادة بيعها في السوق الداخلية، دون أن يلجأ إلى تخفيف الكلفة عبر التكرير.
وتوضح معطيات مجلس المنافسة أن شركة “سامير”، كانت تتولى تأمين أزيد من 47 في المائة من حاجيات السوق الوطنية من الغازوال، وقرابة 70 في المائة من البنزين. وينطوي الاعتماد الكلي على الواردات على تكلفة تثقل كاهل الميزان التجاري للبلاد بفاتورة متوسطة قدرت بحوالي 35 مليار درهم في السنة (من 2018 إلى 2021)، من حيث واردات الغازوال والبنزين فقط. وازدادت تكلفتها بحوالي 76 مليار درهم، عبر دمج المنتجات الطاقية الأخرى. ويتعلق الأمر بالغاز والفيول.
وسجلت واردات الغازوال والبنزين زيادة من حيث الحجم، بلغت 2.5 و17 في المائة خلال سنتي 2019 و2021 على التوالي. وانخفضت قيمتها بنسبة 3 في المائة في 2019، فيما سجلت ارتفاعا ملحوظا بنسبة 61 في المائة في 2021. وفي 2020، وبسبب التدابير الصحية المرتبطة بجائحة كورونا التي اتخذها المغرب وبلدان العالم، شهدت هذه الواردات تراجعا بنسبة 12.5 في المائة من حيث الحجم، وحوالي 42 في المائة من حيث القيمة.
الثالوث المهيمن
صحيح أن المغرب لا يعرف وجود شركة واحدة تحتكر سوق المحروقات لكن الملاحظ هو وجود ثلاثة شكرات كبرى تستحوذ على هذا السوق. فحسب التقرير، يتبين أن 52 في المائة من الواردات المسجلة خلال الفترة الممتدة من 2018 إلى 2021، أنجزت من قبل ثلاثة فاعلين. ويتعلق الأمر بشركات “Afriquia SMDC” و”Vivo Energy” و”TotalEnergies Marketing Maroc”. وبلغت نسبة إجمالي واردات الشركات الثمانية الأولى الفاعلة في السوق، خلال الفترة ذاتها، حوالي 84.6 في المائة، بينما وصلت نسبة واردات الشركات السبعة عشرة الأخرى إلى 15.4 في المائة فقط من الحجم المستورد برسم 2021.
وترتبط حصص السوق هذه، من حيث الحجم، بقدرات التخزين التي يتوفر عليها الفاعلون المستوردون. في الواقع، استحوذت الشركات الثلاثة الكبرى على نسبة 52 في المائة من حجم الواردات المحققة في 2021. وتتوفر هذه الأخيرة على قدرات لتخزين الغازوال والبنزين على الصعيد الوطني تبلغ 51.6 في المائة. وظلت هذه العلاقة الترابطية بين قدرات التخزين وحجم الواردات مستقرة منذ سنة 2018 على الرغم من دخول فاعلين جدد ينجزون عمليات استيراد، على السوق (فاعلان دخلا السوق في 2018، و5 في 2020 و7 في 2021. ويمثل هؤلاء شركات صغيرة الحجم وتحقق نسب ضئيلة من حجم المبيعات (لا تتجاوز حصتها السوقية 1 في المائة).
حتى على مستوى المخزون الاحتياطي، تظل نفس الشركات مهيمنة عليه. فقد سجل هذا المخزون عجزا مزمنا مقارنة بالمستوى المنصوص عليه بمقتضى النصوص التنظيمية، والمتمثل في 60 يوما من الاستهلاك إزاء المنتجات المكررة لدى الموزعين. ففيما يتعلق بالغازوال، لم يكن بإمكان المخزون المتوفر عند متم سنة 2021 من تغطية سوى 28.8 يوما كمتوسط عدد أيام الاستهلاك، في حين لم يكن بإمكان المخزون المتوفر من البنزين الممتاز من تغطية سوى 31.5 يوما كمتوسط عدد أيام الاستهلاك خلال السنة ذاتها.
وعلى امتداد الأشهر الأربعة الأولى من سنة 2022، تراجع متوسط المخزون المتوفر من الغازوال مرة أخرى، إذ لم يمكن من تغطية سوى 20.2 يوما بدلا من 24.6 يوما خلال الفترة المتحدة 2018 إلى 2021. وهكذا، فإنه من أصل 1.2 مليون طن من قدرات التخزين المتوفرة، تتوفر الشركات الأربع الأولى الفاعلة في السوق على أزيد من نصف القدرات (بنسبة 61 في المائة).
خبايا التوزيع
يقول تقرير مجلس المنافسة إنه عند متم أبريل 2022، وكالعادة، استمرت المحطات الخاضعة لنموذج التسيير القائم على “التجارة المملوكة للتاجر الـذي يشغلها”DODO” في الهيمنة أكثر، مجسدة لنسبة 67 في المائة من العدد الإجمالي للمحطات، متبوعة بالمحطات التي تعتمد نموذج التاجـر المملـوك للشـركة التـي تشغله “CODO” بنسبة 18 في المائة، ثم المحطات المعتمدة لنموذج “الشـركة المملوكـة للشركة التي تسيرها”COCO” والمنتمية لشركات النفط التـي تتولى تسييرها، بنسـبة 12 في المائة فقط.
فضلا عن ذلك، شكل نموذج التسيير التاجر المملوك للتاجر الذي يشغله العدد الأكبر من المحطات المحدثة طيلة الفترة الممتدة من 2018 إلى 2021، بمعدل 338 محطة جديدة جرى تطويرها، أي أزيد من 76 في المائة من العدد الإجمالي للمحطات المحدثة خلال هذه الفترة.
ويتبين من تحليل المعطيات حسب كل فاعل، أن توزيع محطات الخدمة يؤكد هيمنة شركة “SMDC Afriquia “باستمرار، إذ تمتلـك 563 محطة وتتوفر على حصة سوقية تعادل 19 في المائة، متبوعة بشركة “Maroc Energy Vivo “بـ392 محطة وحصة سوقية بنسـبة 13 في المائة، وشـركة “Maroc Marketing TotalEnergies “التي تمتلـك 372 محطة وتحتل المرتبة الثالثة بنسبة 13 في المائة من حصص السوق، ثـم شـركة “Petrom”بـ242 محطة، أي 8 في المائة من شبكة المحطات المتواجدة.
وتستحوذ الشركات الأربع هاته على نسبة 52 في المائة من العدد الإجمالي للمحطات المتواجدة. وترتفع النسبة إلى حوالي 83 فـي المائة إذا أضيفت شـركات “Winxo “و”ZIZ “و”Oil Green “و”Energy Ola “و”Oils Petromin.
تعليقات ( 0 )