تورط رئيس الحكومة السي عزيز اخنوش في كذبة علنية بالأمم المتحدة حين تحدث عن “نهضة تربوية” في المغرب، وعن تقدم كبير في إصلاح التعليم.
جاء ذلك ساعات بعد حديث وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت عن كون التعليم بالمغرب يواجه أزمة الجودة رغم كل الملايير التي تصرف عليه مؤكد وجود إشكالية حقيقية تتطلب تظافر الجهود لتجاوزها.
لفتيت استشهد في سابقة من نوعها بالتقارير الدولية التي تضع التلاميذ المغاربة في ذيل الترتيب.
وفي الوقت الذي كان فيه اخنوش يرسم أمام العالم صورة وردية لتعليم قال البنك الدولي أنه بحاجة لمعجزه لإصلاحه، كان لفتيت يؤكد أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ستتدخل لانعاش تعليم لا أثر له في تنمية البلاد .
أيهما نصدق…؟
هل رئيس الحكومة الذي يحاول تسويق صورة وهمية في محفل دولي عن واقع التعليم الذي يعلمه الجميع ، بعد أن باعنا القرد خلال الانتخابات، أم وزير الداخلية الذي كان أكثر صراحة، وواقعية من وزير التربية الوطنية الذي يبدو أن منصبه الجديد أنساه الخلاصات الصادمة التي وصل إليها حين إعداد لنموذجه التنموي الجديد الذي صار يتقادم دون أن يجد طريقه للتنزيل.
لا ندري فعلا من أين جاء رئيس الحكومة بالأرقام والمعطيات التي تدعم “السلوكية” التي أطلقها حول التقدم الكبير، والنهضة التربوية.
هذا في وقت تشهد فيه البلاد دخولا مدرسيا كارثيا مع نسب اكتظاظ مهولة فرضت وضع أربعة أطفال في طاولة واحدة، مع إجبار آخرين على متابعة دروسهم وقوفا في مؤسسات تبعد عن مقر رئاسة الحكومة والبرلمان بكيلو مترات قليلة.
والواقع أن هذا التضارب في الروايات حول واقع التعليم الذي صار سلعة تباع للمغاربة، يعكس وجود مواقف ملتبسة تصب في الأساس في صالح القطاع الخاص.
تجاذب يؤكد قناعة أن التعليم العمومي لا يراد له أن يستقر، وأن التعامل معه لازال محكوما بالكثير من الالتباس إن لم نقل سوء النية.
قطاع نجدد التأكيد مرة أخرى على أن لا تنمية، ولا إقلاع اقتصادي واجتماعي سيتحقق ما لم يتم العمل بسرعة وجدية على معالجته من الأعطاب المعروفة التي تنخره، أما نثر الوعود، و رصد الملايير التي تبدد في غياب الحكامة، فلن يزيده إلا غرقا في متاهته.
لقد سعت الدولة بكل ثقلها لفرض التعاقد في التعليم لتخفيف العبء المالي على الميزانية رغم نتائجه الكارثية على القطاع، وعوض أن تعمل على توفير ضمانات لاستقرار المنظومة التعليمية بعد قلب الهرم الوظيفي، أفرطت في تغليب الهاجس المالي الذي صار ينتج لنا اليوم احتجاجا تلو آخر، وإضرابات تمتد لأسابيع.
حدث هذا بعد أن تم التفريط في القيمة الاعتبارية والمجتمعية لرجال ونساء التعليم لاعتبارات عدة.
كما تم إغراق معظم النقابات في الريع والامتيازات و التفرغات وتجارة الملفات، والنتيجة أن هذا القطاع لم يعد يجد من يترافع عنه إلا في المواسم الانتخابية.
“سير على الله”
تعليقات ( 0 )